شعار قسم مدونات

الحركة الإسلامية بجيبوتي.. رحلة الشتاء والصيف

blogs-جيبوتي
تعتبـر الحركة الإسلامية (الإخوان) في جيبـوتي من أقدم التنظيمات الإسلامية المعاصـرة التي تتبنى تطبيق الإسـلام في واقع المسلميـن وتعمـل على رفـع مستـوى التزام المجتمـع بالقيـم والمبادئ الإسلاميـة. لقد شـاءت حقائق التاريخ والجغـرافيا أن تكون جيبوتي ثاني محطـة لـجماعة الإخوان المسلميـن التي أسسها الإمام حسـن البنا وذلك بعد مصـر ـ بلد المنشـأ.

لذا بدأت علاقة الإخـوان بجيبـوتي مبكـراً، حيث أنشأ أول شعبـة لـلإخـوان في الخـارج بجيبـوتي، وجاء تأسيـس الشعبـة استجابـة لرغب بعض الشبـاب الجيبـوتييـن عام 1933م، ومن جانبها وافقـت هيئـة مكتب الإرشـاد العام لـلإخوان على تكـوين الشعبـة وانتدبت الشيـخ عبد الله حسيـن اليماني ليكون صلـة بين فرع جيبـوتي والمكتب.

وعلى الرغـم من أن الاتجاه التصاعدي في منحـى انتشار فكـر الإخـوان جيبـوتي، بدأ مع تأسيس الشعبـة في مطلع الثلاثينات من القرن الماضـي، إلا أن نطاق عمـل الحـركة الإسـلامية (شعبـة الإخوان) وانتشارها في البـلاد، ظل يتسم بالمحدودية والضعف ولم يكـن لـها ذلك الـزخم والتأثيـر الذي كان لمثيـلاتها في البلـدان الإسـلامية الأخـرى.

كان لـلظـروف السياسيـة والاقتصادية والاجتماعيـة التي سادت تلك الحقبـة تأثيـراتها البالغـة على نمـو الوعي الإسـلامي في البـلاد، الأمـر الذي حال دون تطـور الحـركة الإسـلامية وانتشـارها. فهنا كـان لا بد ـ بعد إنتهاء حقبـة الاستعمار ـ من إيجـاد بدائـل ووسـائل أخـرى لـلعمـل الإسـلامي الحـركي تسايـر المتغيـرات الجديدة، فنشأت بعيد الاستقـلال بوادر صحـوة إسـلاميـة كبيـرة شكلـت مرحلـة فاصلـة في مسيـرة الحـركة الإسـلامية وانتشارها، حيث شهدت تلك الفتـرة تحـولات نوعيـة كبيـرة على صعيد إعادة بناء الحـركة الإسـلامية وتمددها تنظيميـاً.

منذ نشأتها مرت علاقة الحـركة الإسـلامية بالسلطـة منعطفات متعددة صعـودا وهبـوطاً، بيد أن عام 2013م، شكل مرحلـة فاصلـة في مسيـرة الحـركة وعلاقاتها بالسلطـة الحاكمـة.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا التحـول الهائـل جاء نتيجـة لجملـة من العوامـل التغييـرات السياسيـة والاجتماعيـة الواسعـة التي بدأت تظهـر في جيبـوتي ، يضاف إلى ذلك حقيقـة جوهـرية أخرى تتصل بالتحـولات السياسيـة والفكـرية في الصـومال، والظـروف الأمنيـة يعيشها شباب الصحـوة الإسـلامية التي أعقبت ميـلاد حـركة الإصـلاح الصـومالية في 11 يـوليو عام 1978م.

وفي تلك الفتـرة، احتضنت جيبـوتي كثيـر من قيادات الصحـوة الإسـلامية الهاربيـن من قمـع وبطش النظـام العسكـري في الصومال، وبدورها عكفت تلك القيادات المهاجـرة على العمل الإسـلامي المنظم ونشـر الوعي الإسـلامي في أوسـاط المجتمع الجيبـوتي.

ومن النتائج البارزة التي قادت إليها تلك التحـولات في طبيعـة الحـركة الإسـلامية، أن أصبحت أكثـر انطـلاقاً وأكثـر اتسـاعاً وحيـوية وأكثـر تنوعاً في أدواتها وأساليب عملها التنظيمـي والدعـوي والفكـري.

ومنذ نشأتها مرت علاقة الحـركة الإسـلامية بالسلطـة منعطفات متعددة صعـودا وهبـوطاً، بيد أن عام 2013م، شكل مرحلـة فاصلـة في مسيـرة الحـركة وعلاقاتها بالسلطـة الحاكمـة، حيث قررت دخـول المعتـرك السياسـي بقـوة والانضمام إلى صفـوف المعارضـة لتغييـر معادلـة التوازنات السياسيـة القائمـة في البـلاد، وهو ما أثار حفيظـة الحكـومة وكان لـه تبعات وعواقب كبيـرة على الحـركة وقياداتها.

ومنذ ذلك الوقـت تتعرض الحـركة لهجمـة سياسيـة وأمنيـة شـرسة من قبل النظـام بهدف اضعافها وتفكيكها بشتـى الطرق والوسائل، وهو ما يطـرح تساؤلات حقيقيـة حول مستقبل الحـركة الإسـلامية ومآلاها ومدى قدرتها على الصمـود أمام حملات الإقصـاء والتهميش والاضطهاد السياسـي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.