شعار قسم مدونات

كونوا صناعا للأمل

blogs - happy
هو شعور عاطفي، وقيمة روحية يصنعها الإنسان متى شاء ليفك بها خيوط اليأس والإحباط، فينطلق صانعا مجده ونجاحه بيده. كان الأمل ولازال المفتاح الوحيد لكل الانتصارات والنجاحات، التي خرجت من عمق الشدائد والمحن، فقط عندما تزود أصحابها بالأمل يوم عز عليهم النصير، وكبت عليهم الدنيا بكل صوف البأس والمعاناة، لكنهم راحوا يتصورون لحظات النجاح وقطف الثمر، فظلوا يأملون ويعملون حتى كان لهم الذي كان؟!

إن المتأمل في الحياة وتركيبتها يدرك تمام الإدراك أنها مليئة بالإنجازات والابتكارات، لكنها في نفس الوقت مليئة بالعقبات والمطبات! فما مفتاح اللغز إذن؟ إن الذي جعل (إديسون) ينير العالم، ويقدم له كما هائلا من الابتكارات في مجال العلوم هو الأمل، أمل مرفوق بهمة وإصرار تحملان صاحبها على العمل من أجل بلوغ الهدف وتحقيق الانتصار.

لقد نجح النبي صلى الله عليه وسلم في تربية جيل بأكمله على فضائل هاته القيمة، وهو الجيل نفسه الذي هد قوائم الروم والفرس، بإمكانيات مادية بسيطة لا تكاد تظهر مع ما كان عند الإمبراطورتين العظيمتين.

كما أن الدارس والباحث في التاريخ الإسلامي، وشخصية النبي العظيم يدرك قيمة هذا الخلق، وحجم هاته القيمة النبيلة، لقد كان النبي عليه الصلاة والسلام أنموذجا حيا للأمل العامل الذي لا يعرف إليه اليأس طريقا ولا سبيلا، يصبح داعيا قومه، ويمسي واعظا وخطيبا في أصحابه، ويبيت حائرا مهموما على شؤون الدعوة وتبليغ الرسالة… يدعوا قومه ويدعوهم ويدعوهم حتى كاد أن يهلك… كله بدافع الأمل قال تعالى 🙁 فلعلك باخع نفسك على ءاثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) (الكهف).

لكنه عليه الصلاة والسلام، وهو المعلم والمربي، لم يلبث أن غرس في أصحابه هاته القيمة وظل يرسخها في عمق كل مأساة ومحنة تمر بهم، فعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال: ( أمرنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحفر الخندق، قال: وعرض لنا فيه صخرة لم تأخذ فيها المعاول، فشكوناها إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فجاء فأخذ المعول ثم قال: باسم الله، فضرب ضربة، فكسر ثلث الحجر، وقال: الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا.

ثم قال: باسم الله، وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال: باسم الله، وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا)رواه أحمد.

لقد نجح النبي صلى الله عليه وسلم في تربية جيل بأكمله على فضائل هاته القيمة، وهو الجيل نفسه الذي هد قوائم الروم والفرس، بإمكانيات مادية بسيطة لا تكاد تظهر مع ما كان عند الإمبراطورتين العظيمتين آنذاك، فراح ينقل الرسالة إلى مشارق الأرض ومغاربها من الشام إلى مصر إلى المغرب العربي …

ونماذج كثيرة نجدها في حياة الأنبياء والصالحين تجسيدا لهاته القيمة، فهذا نبي الله نوح 950 عاما من الدعوة إلى الله لم يعرف فيها ترهلا ولا كسلا… فما أحوج الأمة الإسلامية إلى نماذج كهاته، في ميدان العلوم والدعوة والسياسة، تناطح بها قوى الجهل والتجهيل والفساد، لتصنع نهضتها وتستعيد مكانتها بين الأمم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.