شعار قسم مدونات

في ذكرى تحرير طرابلس الشام.. واقع وآمال

مدونات - طرابلس لبنان

تحررت مدينة طرابلس الفيحاء من الفرنج على يد السلطان المنصور سيف الدين قلاوون في 26 من نيسان عام 1289م بعد محاولات عديدة من سلاطين وأمراء كل يسعى جاهدا نحو تحريرها بدء من عماد الدين زنكي، وابنه نور الدين محمود، وصلاح الدين الأيوبي، وأخوه الملك العادل، والسلطان الظاهر بيبرس غير أنه لم يستطع أحد منهم السيطرة عليها.. حتى حررها السلطان قلاوون..
 

تحررت الفيحاء وكان يوم تحريرها هو يوم تأسيس طرابلس الجديدة.. بل ربما يجب أن نقول تحررت الميناء "طرابلس القديمة" التي كانت تعتبر من أهم المدن على الإطلاق فعندما يذكر التاريخ اسم طرابلس الشام يعنون بذلك حدود الميناء مدينة الموج والأفق التي أمر السلطان قلاوون فيما بتدميرها وبناء مدينة جديدة وهي طرابلس المعروفة بحدودها لدينا اليوم..
 

حملت هذه المدينة أهمية عظيمة منذ تأسيسها فكانت تعقد المؤتمرات فيها في عهد الفينيقيين نظرا لأهميتها ومكانتها وموقعها الجغرافي المميز فعقد في مدينة الميناء أي طرابلس القديمة مؤتمر المدن الفينقية وتم اتخاذ القرار -من هذه المدينة- بالثورة على السيادة الفارسية آنذاك.. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على المكانة التي حملتها المدينة منذ تأسيسها..
 

كل ما تحتاجه "طرابلس الشام" قليل من الاهتمام ومزيد من الرعاية.. فتصبح حينها مقصدا للجميع.. وتعود كما كانت مزدهرة بحضارتها وصناعتها وتجارتها وفنونها وعلومها.

وما زالت إلى يومنا هذا تحمل مقومات في غاية الأهمية ولكنها تحتاج إلى حسن استخدام وفكر استثماري وتخطيط يتبعه تطبيق وتنفيذ… ومن هذه المقومات الموجودة اليوم في طرابلس: المرفأ ومحطة القطار والمصفاة ومعرض طرابلس الدولي والملعب الأولمبي ومشروع الإرث الثقافي إضافة إلى ثروتها التاريخية الأثرية التي تحمل لوحات فنية غاية في الدقة والروعة والإبداع والجمال..
 

رغم الطموحات الإيجابية والسعي نحو إظهار روعتها إلا أن الواقع محزن للغاية خاصة إن تمت مقارنة الواقع الحالي مع موقعها الجغرافي ومقوماتها وأهميتها.. فإن نظرنا إلى واقعها اليوم نراها مهمشة بدء من الجانب الإعلامي وانتهاء بالجانب التنموي..
 

واقع أليم يمر على أبناء المدينة وتجارها البعض منهم يستسلم لهذا الواقع ويبحث عن مأوى أو بديل يحمي به نفسه من التحديات والصعاب.. والبعض الآخر يحارب ويواجه من أجل حماية تجارته… وآخرون يعيشون تحت خط الفقر يفترشون الحرمان ويلتحفون الألم..
 

تتعالى الأصوات من أبنائها مخاطبين القائمين على شؤون المدينة مطالبين إياهم إيجاد حلول تخرجهم من ظلمات الحرمان إلى نور الازدهار.. وهذه المطالب لم تلق أذن صاغية مع مرور الزمن ولكن آمالهم تبقى معلقة بوعود ربما اعتاد الجميع سماعها دون أن تجد سبيلا نحو التطبيق الفعلي على أرض الواقع ودون أن تجد الخطط التي وضعت وتوضع دائما سبيلا ممهدا نحو التغيير الفعلي..
 

خلاصة القول إن طرابلس ليست بحاجة لمن يساعدها فتاريخها يشهد أنها السباقة نحو مساعدة الغير.. فكل ما تحتاجه قليل من الاهتمام ومزيد من الرعاية.. فتصبح حينها مقصدا للجميع.. وتعود كما كانت مزدهرة بحضارتها وصناعتها وتجارتها وفنونها وعلومها..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.