شعار قسم مدونات

في العالم العربي تعيش

blogs - لشارع المصري
لربما يلوم أحدنا والديه أن أنجباه عربيا، فلنصارح أنفسنا حقيقة ولنبتعد عن جعجعات ماضينا الوردي الرائع وعبارات يوم قدنا العالم ويوم كانت الدنيا في يدينا، فهي لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تعدو كونها بضعة أسطر في بضعة كتب أكل عليها الزمان وشرب.

أذكر أنني اعتذرت وما زلت أعتذر لابنتي التي لم تبلغ العامين بعد عن مجرد إنجابها في هذه البقعة من الأرض، كيف لا وهي مقبلة على حياة كاملة في هذه الدول العربية التي أنهكتها المشكلات حتى بتُّ أتعجب ممن ما يزالون يتغزلون بها، بل ويتمنون الموت في سبيلها، فمن أبسط مقومات ما يسمى بالوطن أن تتوفر لك فيه أبسط الحقوق من مأكل ومأوى وتعليم وأمن، فهل توفر دولنا العربية العظيمة أبسط ما سبق.

إن تحدثنا عن الغذاء والأمن الغذائي نجد أن معظم إن لم نقل كل الدول العربية تستورد الكثير من السلع الأساسية مثل القمح والقطن والأرز ولا تنتجها فضلا عن شح السلع وارتفاع أسعارها الجنوني في بعض الدول كمصر مثلا خلال الأعوام الثلاث الأخيرة خاصة، بالإضافة إلى إنفاق الملايين على صفقات استيراد سلع غذائية تالفة بعضها يكشف والكثير منها يتم في الخفاء.

كعرب إن لم نستيقظ من سباتنا وننظر حولنا ونعترف بمشاكلنا كخطوة أولى لحلها سنبقى على هامش التاريخ بل ربما أقول في مزبلة التاريخ.

ولو تناولنا الجانب العسكري نجد أن كافة الدول العربية ضعيفة جدا عسكريا بالرغم من إنفاقها المليارات وخاصة دول الخليج العربي على صفقات التسلح المعروف كون أسلحتها إما تالفة أو قديمة أو لا تجاري الأسلحة الحقيقية فنحن بطبيعتنا قوم سلميون حتى في شراء الأسلحة فلا داعي لشراء أسلحة فتّاكة تضر بسمعتنا الطيبة وتسقط غصن الزيتون من أيدينا.

في الجانب التعليمي حدث ولا حرج فمن قلة عدد المدارس وقِدم مبانيها إلى اكتظاظ الصفوف المدرسية وعدم توافر القرطاسية والأدوات اللازمة فيها إلى عدم كفاءة المعلمين مرورا بقدم المناهج أو سرعة تغييرها؛ بحيث لا يلبث المعلمون والطلبة إتقانها وتشربها حتى يتم تغييرها، وانتهاء بضعف رواتب المعلمين وضآلة مخصصات التعليم أساسا من الموازنة العامة للدولة، كذلك نجد أن التعليم العالي في وضع مزرٍ، فلك أن تراجع قائمة أفضل 500 جامعة لعام 2016 لتجد مدى ضعف التعليم العالي لدينا فنصيب الدول العربية منها لا يتعدى العشرة جامعات، ومعظمها جامعات أميركية على أراضٍ عربية وحتى لو تناسينا الترتيب العالمي، ونظرنا محلّيا نجد أن مخرجات التعليم لا تتواءم مع احتياجات سوق العمل، مما يزيد معدلات البطالة التي هي مرتفعة بطبيعة الحال.

أما الجانب السياسي، فصدقا يحق لنا كعرب أن نفخر به فنحن كسرنا كافة الأرقام القياسية ففي بضع سنوات سلمنا العراق ودمرنا سوريا وأنهكنا مصر، وأحرقنا اليمن وشتتنا ليبيا، نحن كعرب وأعوذ بالله من كلمة عرب، بارعون في بيع أوطاننا بأبخس الأثمان ولا نفتأ نمارس الرذيلة السياسية، وربما غيرها مع أي عابر سبيل، فلا سيادة ولا استقلال فعلي بل تبعية مذلة ولا ديمقراطية داخلية حقيقية، بل قمع واستبداد، ولا حريات ولا عمل حزبي، بل مجرد انتخابات شكلية وأحزاب على الورق.

نستطيع التحدث لأيام عن خيبتنا ومشاكلنا سواء الصحية أو الاجتماعية أو غيرها، بالإضافة لكل ما سبق لكننا كعرب إن لم نستيقظ من سباتنا وننظر حولنا ونعترف بمشاكلنا كخطوة أولى لحلها سنبقى على هامش التاريخ بل ربما أقول في مزبلة التاريخ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.