شعار قسم مدونات

النفوس المطمئنة

blogs - صلاة
ثمة نفوس تتذوق طعم الرضا والسعادة فى حياتها. نصبت أمام أعينها هدفًا لربما غفل البعض عنه رغم سموِّه. نصبت الفردوس الأسمى هدفًا ساميًا لها فجعلته مبتغاها. تتوق إليها نفوسهم من آن لآخر.. فباتت لا تعبأ بأقوال السفهاء.. من لا هدف لهم في الحياة.. فصلت، ودعت، واستغفرت، وبكت، وناجت الله فأغدق الله عليها من الراحة والسكينة ما يكفي لعيش حياة هنية في رضا الله على نهج نبيه – صلى الله عليه وسلم -. 

تلك هي النفوس المطمئنة، نفوس تعتري وجوهها مسحة من النقاء ونور القيام، مسحة تعجز مستحضرات التجميل عن إضافتها. نفوس جابهت التحديات بابتسامة.. والصعاب بصبر وإرادة .. باتت تقتبس السعادة مما حولها، تستشعرها من حلاوة الإيمان وصلاة القيام وتدبر وترتيل للقرآن، نفوس تسربلت من دثار الصعاب والتحديات ما جعلها ذات عزم وإرادة.

نفوس اتخذت من كلام الله لها دواء.. تعالج به ندبات تركتها الأيام في قلوبنا المهترئة. نفوس سمت بآيات القرآن.. وعلت وارتقت بسمو الأخلاق .. نفوس رقت خواطرها إثر تدبر القرآن .. نفوس باتت تستشعر معية الله لها في كل شيء تدعوه وتوكله أمرها وتستودعه أسرارها.

كيف لنفوس اقشعرت أبدانها وبكت عيونها وابتهلت ألسنتها بالدعاء ألا تغدو مطمئنة؟! وكيف لنفوس تغافلت عن كلمات قبيحة صكت أذنها ابتغاءً لمرضات الله ألا تغدو مطمئنة؟!

تتوق لذكر الله في كل لحظة، تتوق لجنة عرضها كعرض السماء والأرض، تتوق للنظر لوجه الكريم .تتوق لشربة هنية من يد المصطفى محمد – صلى الله عليه وسلم -، تتوق لنعيم سرمدي وخلود أبدي.

تلك هي النفوس المطمئنة، نفوس هينة عند الخصام ونقية عند الفراق، وعونًا لك وقت الصعاب، نفوس اطمأنت؛ لأنها تعمل بجد دون انتظار لكلمات مدح وإطراء تعمل ولا تنتظر المقابل.. تخلص في أعمالها ابتغاءً لمرضات الله، ولأنها عفيفة النفس صفوحة تغفر الذلات.. استبقاء للود والصداقات.. تغافلت عن كل ما يشين من السجايا.. ونأت بنفسها عن الدنايا.

لم تعلق قلوبها بأناس .. بل علقت قلوبها برب الأناس.. موقنة هي بأن تعلقها بغير الله، لن يجدي شيئاً سوى قلب متعب وعقل منهك. فباتت مطمئنة القلب ومرتاحة البال تزينت بحسن سيرتها العطرة .. وطيب سجاياها الحسنة. فلم لا تغدو مطمئنة ؟! وقد اتخذت من ابتلاءات الله لها ممرًا للتقرب إليه، وفرصة لطلب الرضا منه ورجاءً لطلب العفو منه سبحانه.

ولم لا تغدو مطمئنة؟! وهي تزيح ما يكدر صفو مزاجها وتكالب همومها بذكر الله. فكيف لنفوس اقشعرت أبدانها وبكت عيونها وابتهلت ألسنتها بالدعاء خشية يوم اللقاء ألا تغدو مطمئنة؟! وكيف لنفوس تغافلت عن كلمات قبيحة صكت أذنها ابتغاءً لمرضات الله ألا تغدو مطمئنة؟! وكيف لنفوس اتخذت من الحبيب المصطفى محمد أسوة حسنة تقتدي بها في أفعالها وأقوالها ألا تغدو مطمئنة؟! كيف والله هو أرحم الراحمين؟!

فحريٌّ بشباب أمة العرب وأمهات المستقبل أن ينظروا وينقبوا عن النفوس المطمئنة.. فتهنأ نفوسهم برفقتهم وتتعلم من شمائلهم.. فهنيئًا لذوي النفوس المطمئنة ..هنيئًا لهم رضا الله عنهم. فسلامًا عليهم.. وطاب حسن ذكراهم في الدنيا والآخرة..

فياليتنا نعمل لنيل النفس المطمئنة بصبر في مواجهة الصعاب، وابتسامة في وجه الأعداء. وابتهال في ظلمات الليل بالدعاء، والابتعاد عن البغضاء بالإقصاء، والحمد لله علي العطاء، والصبر على الابتلاء وفي الختام أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من ذوي النفوس المطمئنة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.