شعار قسم مدونات

الحمد الله على نعمة التاريخ

blogs - books
عندما تعيد عجلة التاريخ أحداثها مع اختلاف بعض الظروف والشخصيات والنكهات فقل الحمدلله على نعمة التاريخ! وعندما تتقابل الشخصيات التي دخلت التاريخ في عدة حقبات وتجد الخونة يتكررون كما الشجعان، فقل الحمدلله على نعمة التاريخ.

يريد التاريخ أن يعلمنا كيف تكون الوحدة، ولا يريد أن يعلمنا كيف نتغنى ببطولاتنا، وكيف انقض فلان وفلان على العدو ورفع الراية عالية ثم انتصروا من دون معرفة الأسباب والأمور التي كانت أهم بكثير من التغني بفلان وفلان، أو كيف أن التسبيح بحمد الأجنبي لن يجدي نفعا ولن يسمن ولن يغني من جوع مهما قدمنا من تنازلات وضربنا إخوتنا من أجل رضاه من أجل الحصول على بركات الأجنبي وهللنا باسمه!

عندما تجد يا صديقي أنه لا فرق في التاريخ بين الاستيطان الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وبين الاستيطان الأوروبي للقارة الأميركية الشمالية إلا في اختلاف الأوجه والشخصيات، ولكن تكاد المبادئ والمواقف تكون واحدة… فهناك المقاوم والخائن، وهناك من يدعي قدرته على الانتصار على المحتل بالمفاوضات.. وهنالك في الجهة المقابلة من قتل وهو يرفع العلم الأميركي على يد الجيش الأميركي… إنه الإبريق الأسود الذي كان يدعو إلى مفاوضات السلام والتعايش مع من اغتصب أرضه وطمس هويته.

كثير من الأخطاء التي وقعنا فيها ونحن في حالة ضعفنا؛ كان بالإمكان أن نتجنبها لو فهم صناع قرارنا التاريخ وعامة الناس أيضا.. إن التاريخ أعظم مدرس للبشرية فهل نتعظ منه؟

يعلمنا التاريخ أنه لا فائدة من القوة في ظل غياب الوحدة، فلم تغن قوة أسطول المملكة العامرية وجنودها والتي كانت إحدى ممالك الطوائف في الأندلس ومن أكثرها قوة على مجابهة العدو الخارجي، بل إن مجاهد العامري مؤسس هذه المملكة أفنى باقي حياته في قتال بني جلدته ودينه وترك العدو الأساسي الذي في الخارج. هكذا يعلمنا التاريخ أن الوحدة في أسوأ حالاتها أفضل من التجزئة في أحسن أحوالها،
وهنا يتجلى أعظم درس في التاريخ عن الفرق بين الوحدة والتجزئة.

ماذا جنينا من تشويه صور إخوتنا من القوميات الأخرى، وهم ما كانوا يتعايشون معنا يوما، وكان لهم كل الخير معنا، فكان الكردي مصلحا لحال المسلمين ومحرر بلاد المسلمين، وكان التركماني يحمينا من التمدد الغربي، وسبقهم العربي بالرسالة المجيدة وأخذها الأمازيغي بجوار أخيه العربي نحو شبه جزيرة إيبيريا، فلماذا اليوم نشوه تاريخ غيرنا من القوميات المسلمة؟ نلعن الخازوق التركي ويعجبنا الخازوق الغربي؟

كثيرا ما أتعجب من أولئك الذين رفعوا العلم الغربي مهللين بقدومهم لإنقاذهم، ولو أنهم عرفوا التاريخ حق المعرفة لما فكروا أصلا في مثل هذا الفعل المعروف نتيجته بكل وضوح في صفحات التاريخ.. 
وثم يثيرك الضحك عندما تراهم يحرقون العلم الغربي بعدما رفعوه، ويهتفون بالموت لهم ويلقون اللوم عليهم بعدما أحرقوا بلادهم وعبادهم.

كثير من الأخطاء التي وقعنا فيها ونحن في حالة ضعفنا؛ كان بالإمكان أن نتجنبها لو فهم صناع قرارنا التاريخ وعامة الناس أيضا.. إن التاريخ أعظم مدرس للبشرية فهل نتعظ منه؟ ( فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.