شعار قسم مدونات

التطوع.. تحدي من نوع آخر

blogs التطوع

العمل التطوعي.. بذرةٌ من نقاء، تثُمرُ خيراً وصفاء 
ما أجمل أن يكون للعمل التطوعي طرق واسعة وكثيرة ومتفرعة لخدمة ونيل محبة الناس فمن تطوع خيراً فهو خيرٌ له، وما أعظم من اختار إحدى هذه الطرق لكسب محبة الناس وقلوبهم ونشر المحبة بينهم. العمل التطوعي يحتاج إلى طاقة وصبر ومعاناة وجلد، وأيضاً النية السليمة بجانب العمل التطوعي طريق لنيل الثواب العظيم لأن هذا العمل عبادة لله أيضاً، ونذكر الحديث المروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "من قضى لأخيه المؤمن حاجة كان كمن عبد الله دهراً"

الكثير مننا وخصوصاً في الغربة يعاني من الكآبة والوحدة بعيداً عن وطنه وأهله ويشعر أنه لا جدوى له ولا أهمية، ويؤدي هذا الشعور الى فقدان الثقة بالنفس والذات، فالعمل التطوعي له طعم ومذاق طيب وخاص ويترك أثر حميد ومردود مختلف يتمثل في الشعور بالرضا عن النفس والسعادة المطلقة، إذاً هو يعالج المشاعر الخاطئة التي تشعرنا باليأس ويحولها إلى مشاعر مليئة بالطمأنينة والسعادة، ويكسب النفس راحة عميقة.

وما إن انخرط المتطوع في العمل التطوعي يمكنه أيضاً من التعرف على شخصيات عديدة ويمكنه من تعلم مهارات جديدة واكتساب خبرات واسعة، وأفضل سمة يكتسبها المتطوع هي العمل ضمن فريق تجعله قادراً على التعامل مع التناقضات ومع مجموعات مختلفة من الأفراد فكلٌ منهم له رأي وكلٌ له وجهة نظر، هذا التنوع يساعد المتطوع على تدريب نفسه على تقبل الرأي الآخر والمرونة والمهنية في العمل والحياة الاجتماعية.

يفقد التطوع لذته وقيمته عندما يتحول الى نظام مؤسساتي بإدارة غير مؤهلة لتسير أموره "كعمل تطوعي" وليس "كعمل مؤسساتي"، وغالباً ما تواجه المؤسسات صعوبة في إيجاد متطوعين بمهارات وخبرات مناسبة فتسعى بوضع الأشخاص بغير المكان المناسب

واذا تكلمنا عن سبب تدهور بعض الأعمال التطوعية في مجتمعنا فلهذا عدة أسباب ومعوقات على مستوى الإدارة والفرد، فبعض المتطوعين يستغلون العمل التطوعي لمصالحهم الشخصية وهذا يتعارض مع طبيعة التطوع، وأيضاً جهل البعض بأهمية التطوع وأهدافه وعدم معرفة المتطوع للدور المطلوب منه. أما الكارثة عندما تكون المعوقات إدارية، لأنها تسبب مخاطر عميقة بالعلاقات بين الأفراد المتطوعين والكثير من المشاكل، فمتى يفقد العمل التطوعي قيمته؟ هل سألتم هذا السؤال فيما بينكم؟

يفقد التطوع لذته وقيمته عندما يتحول الى نظام مؤسساتي بإدارة غير مؤهلة لتسير أموره "كعمل تطوعي" وليس "كعمل مؤسساتي"، وغالباً ما تواجه المؤسسات صعوبة في إيجاد متطوعين بمهارات وخبرات مناسبة فتسعى بوضع الأشخاص بغير المكان المناسب لخبراتهم وقبل تأهيلهم لها وهذا الخطأ كبير، فوضع المتطوع في أماكن غير مستعد لها وغير مناسبة لقدارته وغير مؤهل لها يسبب تنازع بين المتطوعين، نعم تنازع !

لأن الفطرة الإنسانية لا تقبل أن يديرك شخص غير مؤهل بحجة التطوع ويعتبر هذا الفعل هو شخصنة وعدم مهنية بالعمل، ولأن من مميزات العمل التطوعي الناجح أن الجميع سواسية في العمل وعلى الجميع تقبل الآراء بين بعضهم وتقديرها. بينما إضاعة جهد أي متطوع وعدم تقدير تعبه من أكبر المعوقات، فساعة العمل التطوعي تعادل عشر ساعات عمل مأجور لأنه دون مقابل مادي، فالمتطوع ينتظر المقابل المعنوي فقط والدعم وتقدير جهوده. وغالباً عندما يصل العمل التطوعي لقمة النجاح يفكر مؤسسيه بتحويله إلى نظام مؤسساتي ولا يعلمون بأنه نجح لأنه لم يفرق أحد عن أحد ولأنه قدر خبرات الجميع.

 

ويمكننا القول أن التطوع يعكس حقيقة كل انسان ويثبت قدرته بالصبر والصمود والثبات على قيمه وأخلاقه وأما من لم يحصل على فوائد ولذة من العمل التطوعي، فيجب عليه أن يحاول استخلاص الأسباب الحقيقة التي جعلت العمل التطوعي غير محبب له وبعيد عنه، وبأي مشاعر وقلب أدى هذا العمل، فلن يتقن الأعمال إلا مخلص متبسم متفائل سبّاق. علمني التطوع كيف أصنع الأمل بنفسي، وكيف أنشره بين الناس ومن هنا أقول لكم، بادروا بالتطوع لتزهر أنفسكم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.