شعار قسم مدونات

عندما تصاب السياسة بالزهايمر

مدونات - برلمان

خير الكلام ما قل ودل 
عندما تصاب السياسة بالزهايمر ينشط السياسيون بداية لن نعرف معنى السياسة لأن المعرّف لا يعرف لكن أن تتحول بفعل فن الممكن إلى ممكن من كم ساخر فهنا يجب أن نعرفها بحركتها وفعلها وتداعياتها. أما الزهايمر فعلميا وطبيا معروف ومعرف لكن الغير معروف هو السياسي المتزهمر والمزهمر من هو.
 

من مأساة الواقع العربي ومن الأحداث السياسية اليومية المقرفة ومن العبء الملقى على السياسيين من أعمال يندى لها الجبين ويحسده عليها القاصي والداني قد وصل به الحال إلى الإصابة بالزهايمر السياسي واتضح لدى المراقبين أن الزهايمر السياسي هو نوع من أنواع الفيروسات العربية اللاأخلاقية واللاوجدانية واللاوطنية ينتقل بالعدوى التقليدية حتى يصل به الحد إلى ما يشبه الوسواس القهري ويقول بعض المحللين أن أسبابه هو الخرف والزيادة في الهرمون العمري الذي يصل مداه إلى أراذل العمر أي أن يرد إلى أراذل العمر ولا يعرف من بعده أي شيء لكن المصيبة يبقى متمسكاً بشيء واحد ينسى نفسه وشعبه ووطنه إلا شيء واحد وهو كرسي الحكم.

 

عجبا يقول أحد الباحثين في أمور شؤون دور العجزة قال إن أصعب شيء على الإنسان العربي أن يكون حاكما لسبب وجيه وهو أنه لا يتقبل الفطام ويقول كل مولود يجبر على فطام أمه إلاّ الحاكم العربي لا يستطيع أن يفطم عن الكرسي وهو على استعداد أن يضحي بالغالي والنفيس وحتى بكل شعبه وأن يدمر كل شيء مقابل أن يبقى كرسي السياسة والحكم ملاصقا به والأدهى عند موته يوصي به لابنه.

 

 ومن المصائب والكوارث الاجتماعية التي تأتي من السياسي الحاكم هو شد العقد الاجتماعي حتى الخناق لذلك نراه يمارس الاستبداد والديكتاتورية والسادية السياسية ويزرع الكراهية المطلقة بين شرائح المجتمع وخصوصاً المجتمع الفقير والذي هو سببه ناهيك عن الفساد و الإفساد والجهل والتجهيل والتفكك الخلقي وزرع الطائفية والشللية ونبذ الأقلية والأكثرية لأنه لا يميز بين الاثنتين ويزاود وينظر في مفهوم فن الممكن مع تعفيس في لغة الصادر والضاد التي لا ينتمي لها ونراه ينصب المجرور ويرفع المجرور ويجعل من الحال طوارئ ويرهق المضاف ويبهدل المضيف وأخيرا يصف نفسه بزمخشري عصره وينعت من يقول له أخطأت في إعراب العروبة فنراه ينفعل وتأخذه العزة والأنفة وإذا استرسل بالخطاب كأحد المعروفين بالاسترسال ينسى ما قال في بداية الورقة المكتوبة له زهايمر.

 

أغلب حكامنا العرب على هذه الشاكلة، وإذا نظرنا بنفس العين إلى حكام ورؤساء العالم الغربي نرى أنهم يحكمون لدورة واحدة أو دورتان وبانتخابات نزيهة وديموقراطية شفافة ويسلم الذي يليه بكل احترام، إلا نحن.

وانظر إلى هذا الذي يعتقد أنه أصبح حاكما وهو يتكلم عن العدو تشعر بأن فلسطين حررت واستردها أصحابها وفجأة ومن خلال هوسه يبدأ بالحديث عن نشاطاته الإقليمية والدولية المخزية وعما قاله في المؤتمر الدولي السابق وفجأة ينتقل بالحديث عن منحه وسام الشرف من الدرجة الأولى إلى فنان أو لاعب كرة أو إلى شويعر يعتقد بأنه شاعر مخضرم أو يفتخر بأنه منح الجنسية مع جواز سفر دبلوماسي لفنان أو فنانة ويتكلم عن منحه ألقاب ما أنزل الله بها من سلطان.

مثلا سفير للنوايا الحسنة والمشكلة أن المانح خال من النوايا الحسنة وهو يعلم تماما نتيجة أفعاله زهايمر وناسيا ومتناسيا ومتغابيا بأنه مؤتمن على شعب مشتت بين الدول وبين القارات لا يحمل سوى وثيقة سفر لاجئ لا تثمر ولا تغني من جوع وأن أبناء شعبه ممنوعون من دخول الدول العربية التي يحكمها أمثاله من المعتوهين المزمهرين والكارثة إذا تكلم أحد المواطنين وعبر عن غضبه تظهر هنا ديمقراطية العصى فإن التهم يا رعاك الله جاهزة التنفيذ وعلى مقاس المعارض أقلها خائن للوطن أوسطها ارتد عن الدين أعلاها إرهابي وانظر يا سيدي عندما يتكلم فخامة السياسي بخطاب ديني تشعر فجأة بأنك مصاب بدوار وتريد أن تستفرغ من عدم التوازن اللفظي للسياسي الجهبذ لأنه ينتقل بك بعد حديثه الديني إلى مساوئ اليسار وتارة عن تطرف اليمين وتارة عن الاعتدال وتارة عن حقوق الإنسان وعن حقوق الحيوان وعن سياسات الجوار المهم والأهم وكل الاهتمام هو التصفيق الحار للجهبذ وويل للذين لا يصفقون لولي النعم فسوف ترفع أسمائهم إلى الأجهزة المختصة من أجل أن يتلقوا دورة إعادة تأهيل في فن التصفيق

 

وكل ذلك يتكلم والشلل الرعاشي يهزه لكنه ثابت القلب والقدم لم يبالي الأذى ولم يجعل أحدا يشعر بذلك يتصالب ويشاهد في حفظ توازنه أمام السياسين والإعلاميين ونخبة من المنافقين الأبواق وانظره في المؤتمرات الدولية حدث ولا حرج لكن الغريب في الأمر لو سألنا هذا الحاكم عدد لنا أسماء عشر قرى تابعة للمدينة التي قصرك المنيف في داخلها ماذا تكون النتيجة سيصفر ويحمر ثم يسود وكأنه أصيب باليرقان الحبشي نوع من أمراض الكبد ثم تراه يعربد ويزيد ولله الأمر من قبل ومن بعد

 

وكل أغلب حكامنا العرب على هذه الشاكلة وإذا نظرنا بنفس العين إلى حكام ورؤساء العالم الغربي نرى انهم يحكمون لدورة واحدة أو دورتان وبانتخابات نزيهة وديموقراطية شفافة ويسلم الذي يليه بكل احترام إلا نحن أحدهم يدخل الحكم وأول عمل له قبل القسم داخل البرلمان يختلي مع عزرائيل مدة من الوقت ويعقد معه اتفاقا ديالكتيكيا مميزا إلى أجل غير معلوم المهم طويل الأمد لذلك وأكثر ما نراه متمسكا بتلافيف الكرسي دون أن يفكر إلا بأيديولوجيته الخاصة جدا على نمط الموال المنسوج على مغزل العفونة الفكرية المتخشبة والمتداولة بينه وبين أمثاله من عباقرة الفهم أصحاب القرارات السوداوية الذين لا يستطيعون فصل الفهم عن التفهم وويل كل الويل للذي يعارض أفكارهم واستبدادهم المتخشب فينا وكل هذا السيد الحاكم لا يتأثر بمن يلعن به أو بحكمه وخير الكلام ماقل ودل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.