شعار قسم مدونات

على ماذا يراهن النظام الجزائري لتهدئة الاحتقان؟

blogs - بوتفليقة
اعتمد النظام الجزائري على نقاط عدة لتهدئة الاحتقان الشعبي ضد فساده وسوء تسييره، وأمام هذه الزيادات المرتفعة التي مست جميع المواد الأساسية وغيرها من المواد، والتي لم يخفي المواطن تضجره منها لتخوفه من تدني المستوى المعيشي ولحالة التقشف التي سنها النظام لتسيير البلاد، فبات من الضروري على النظام أن يراهن على أوراق عدة امتلكها لصالحه، والتي استعملها لتهدئة الوضع الاجتماعي المحتقن في البلاد، مما تجعل الشعب يرضخ لسياسته رغم هذه الزيادات ورغم علمه بفساده المتفشي في كامل مؤسسات الدولة.

1- العشرية السوداء

شكلت العشرية السوداء التي مرت بها البلاد حاجز خوف لدى المواطن الجزائري، و مرحلة رعب لا يطيق حتى أن يسترجع ذكراها لما تحمله من مآس و فظائع بشعة وخسائر كبيرة في الأرواح، فكان هذا التخوف الذي ملكه المواطن إحدى أهم الأوراق التي استعملها النظام لتهدئة الاحتقان الاجتماعي، وقد ذكرت الصحيفة الفرنسية (لاكروا): أن النظام الجزائري يراهن على ذكرى الحرب الأهلية الفظيعة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى خلال سنوات التسعينيات، وكل هذا كان واضحا من ردات الفعل التي أبداها أغلب الشارع الجزائري تجاه الثورات العربية حيث استنكرها بتصوره على أنها تحمل نفس المآسي التي حملتها العشرية السوداء.

2 – الإعلام

أضحت الأحزاب السياسية المحسوبة على المعارضة استثمارا مربحا للدخل السياسي للنظام الجزائري، استطاع خلاله أن يوظف هذه الأحزاب في تمثيليته المسرحية بإتقان محكم.

يعد الإعلام إحدى أهم ركائز النظام التي يعتمدها لبقاء صورته الحسنة لدى المواطن، وهو إحدى أهم الأسلحة التي استخدمها خلال معركته في إنشاء توجه في المجتمع الجزائري يتوافق مع توجهه ونظرته، يسيطر النظام الجزائري على كل الإعلام السمعي البصري، ولا يسمح للإعلام المخالف لتوجهه بأن ينشط داخل البلاد، ولأهمية الإعلام فقد جعله النظام إحدى هذه الأوراق التي يراهن عليها ليحافظ على حالة الرضوخ.

وليتم سيطرته على الاحتقان الشعبي و تهدئته، استعمل سياسة التخويف حينا وبتزيين صورة الحكم أحيانا أخرى، وبشيطنة مخالفيه من المعارضة وشيطنة الإعلام الخارجي الذي يشكل تهديدا لجمالية صورته التي شكلها له الإعلام الداخلي، وأيضا لم يعد خافيا على أحد قدر الاهتمام الذي يبديه النظام لشبكات التواصل الاجتماعي التي باتت السلاح الوحيد الموجه ضده أمام التعتيم الإعلامي الداخلي، والتي تشكل له الصوت الأخطر الذي لابد من إسكاته عبر كل الطرق الممكنة.

3- الأحزاب المعارضة

أضحت الأحزاب السياسية المحسوبة على المعارضة استثمارا مربحا للدخل السياسي للنظام الجزائري، استطاع خلاله أن يوظف هذه الأحزاب في تمثيليته المسرحية بإتقان محكم، بفضلها كون صورة مقاربة للنظام الديمقراطي، ولكنها صورة تمثيلية، كل حزب له دوره في هذه الصورة بتوجهات النظام له، ونحن نعيش موعدا انتخابيا قريبا على البلاد عملت هذه الأحزاب على حشد شعبي من أجل إنجاح هذا الموعد، حيث أنها قدمت هذه الانتخابات على أنها الحل الوحيد للتغيير و تجاهلت كل أنواع التغيير الأخرى، ورسمت طريقا لديمقراطية عبر صندوق الاقتراع مع علمها أن هذه الانتخابات مزورة و أن نتائجها متكررة لا تتغير أبدا، فمن أين جاء هؤلاء بفكرة أن التغيير يأتي عبر الانتخابات التي لم تتغير نتائجها منذ أول انتخابات الى آخر انتخابات شهدتها البلاد.

4 – شراء الأمن

إن النظام الجزائري يراهن على ذكرى الحرب الأهلية الفظيعة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى خلال سنوات التسعينيات.

عاشت البلاد لفترة طويلة وسط بحبوحة مالية بفضل الزيادات المرتفعة لأسعار البترول في الأسواق العالمية؛ مما جعل خزينة الدولة تعيش أفضل أيامها بفضل الفائض الكبير في الأرباح من وراء هذه الزيادات، ولم تبخل الحكومة الرشيدة على شعبها من هذه الأموال، فبدون دراسة ولا تخطيط اقتصادي راحت تعطي الأموال يمينا وشمالا عبر مشاريع وهمية لشباب مثل (مشاريع دعم الشباب) وغيره، والتي لا تقدم لاقتصاد البلاد شيئا، و لم تعد عليه بأي فائدة، إلا أن السياسة من وراء هاته العطاءات كانت سياسة أمنية بحتة، بحيث استطاعت أن تسكت أفواه الكثير بفضل هذه الأموال المقدمة لهم.

5 – القبضة الأمنية

و لأن السياسة العربية في الأساس تعتمد بدرجة أولى على القبضة الأمنية، كان لابد للنظام الجزائري أن يراهن على هذه الورقة و بثقة كبيرة، لذلك كانت سياسة البلاد الداخلية سياسة أمنية تديرها سلطة بوليسية، لا تفقه التعامل إلا بالحل الأمني عند كل أزمة تبرز لها في الأفق اذا لم تنجح معها تلك الأوراق، حيث تفتح أبواب سجونها و تطلق رجال مخابراتها و أعوانها لإسكات أي صوت قد يأتي من هنا أو هناك.

وهناك أوراق عدة استعملتها السلطة في حينها، وأوراق أخرى لا زالت تملكها تنتظر فقط الفرصة لكي تستعملها على حسب وظيفة كل ورقة من تلك الاوراق.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.