شعار قسم مدونات

جاري الكذب فلا تصدقوا

blogs ترمب
أن يطل علينا ذاك الجدار الأحمر السميك تسبقه كلمة عاجل في الشاشات الإخبارية في مدة وجيزة جدا ليس سهلا أبدا.. خاصة إن كنا لم نستوعب العاجل الأول ولم نبتلع علقمه بعد.. عاجل قتلى وجرحى بينهم أطفال بهجوم كيماوي على بلدة خان شيخون السورية… عاجل ضربة عسكرية أميركية ضد جيش النظام في سوريا ردا عن الهجوم الكيماوي الأخير. 

ستدور التداعيات ولن تخلو مواقع التواصل من الدردشات ذات المضمون السياسي، وستعم التغريدات حول مهلل بتحرك أميركا وتدخلها في الوقت المناسب، لكن هل من الحكمة الإيمان بان أميركا الداعية الأقوى للحروب هي ذاتها من تدخلت اليوم بغية فرض السلام؟ هل أن بذور الفتن التي نثرتها في حقولنا سيؤتي أكلها سلاما لأوطاننا؟ إن التهليل في اللحظة الأولى من الضربة الأميركية على مطار الشعيرات في سوريا والاستشراف بأن الحل بات يلوح لنا في الأفق ليس إلا ردا شعوريا يسبق أوانه بل ليس إلا هذيان لا ينفع.
 
بل ليس من الصواب مباركة ما جد خاصة أن الوقت ضيق جدا حتى نعود لتصفح سجلات التاريخ للتدقيق في ما بين سطوره، ومن غير الحكمة أبدا التصديق بأن ترمب الذي توعد منذ أيام قليلة فقط بمحاربة الإسلام هو نفسه الداعية لوقف قتل الأبرياء.

أن يسقط الشعب روحا تلو أخرى جراء تصارع الساسة، تلك هي أكبر الخسائر وأشدها هولا، فلكم نحتاج أن تنكشف القبقبة السياسية في أقرب الآجال لنعرف من المستفيد الأكبر، فرحى السياسة تدور بسرعة والكذب جار بسرعة.

فإن خانتنا الذاكرة في استرجاع أحداث بعيدة المدى كمجازر أبو غريب وغيرها، فمؤكد أنها لن تخوننا في استرجاع ذكرى قتل الأبرياء في الموصل.. نعم لنتذكر أن الولايات المتحدة التي ألمها قتل أطفالنا وتشريد عائلاتنا اليوم هي ذاتها التي ارتكبت بالأمس الجرائم ضدنا فقتلت وشردت ما استطاعت قتله وتشريده، أم أن الحروب بالوكالة التي خاضتها لا تحسب ضدها؟

ألمتني حيرة وتذمر أحدهم حين كتب "يا الله لم نعد نعرف من صديقنا ومن عدونا" أقول لك يا سيدي
أن ونستون تشرشل لخص لعبة السياسة في مقولة شهيرة "في السياسة لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم لكن هناك مصالح دائمة".

لكن أريد أن أضيف على قول تشرشل شيئا بسيطا، إننا بتنا في زمن يخون فيه الصديق أكثر من العدو فإن ظهرت أميركا بمظهر الصديق للشعب السوري اليوم فلا بد من احتراس منها أكثر فأكثر، فنحن لم نعرف المصلحة بعد وذلك ما يخيف أكثر، وإن ما يحصل في سوريا اليوم بات عصيا على الفهم خاصة في ظل تداخل المصالح وتشابكها. 

فأن يسقط الشعب روحا تلو أخرى جراء تصارع الساسة، تلك هي أكبر الخسائر وأشدها هولا، فلكم نحتاج أن تنكشف القبقبة السياسية في أقرب الآجال لنعرف من المستفيد الأكبر، فرحى السياسة تدور بسرعة والكذب جار بسرعة أيضا ونحن لا نعلم الحل الأمثل بعد، هل هو التصديق والتسليم بحقيقة ما يحدث أم البقاء رهينة مبهمة إلى أن تظهر الحقيقة يوما بمعرفة أصحاب المصلحة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.