شعار قسم مدونات

إضراب الأسرى.. تجربة شخصية

A drug addict stands behind the bar at a Hamas-run prison in Gaza City March 1, 2017. Picture taken March 1, 2017. REUTERS/Mohammed Salem
شاءت إرادة الله عز وجل أن أتواجد في زنازين سجن عسقلان عندما بدأ الأسرى إضرابهم عن الطعام في صيف 2004، فكانت الفرصة سانحة لمشاركة الأسرى في إضرابهم عندما خرجت في أول (بوسطة) عربة لنقل الأسرى، لاستلام الشيك المفتوح وبعدها لائحة الاتهام.

فكانت الفترة حوالي 10 أيام كاملة، أخبرت سجاني أنني سأسكن غرف المعبر بالرملة مع المضربين، الذي استغربوا من طلبي، وخاصة أن المنطق النضالي لا يجبر أسير الزنازين على المشاركة، لكن رغبتي بتجربة كل الأشياء في تلك "الحبسة" كانت أقوى، بالرغم مما جره قراري بالمشاركة بالإضراب من بعض الملاسنات مع ضباط النقل في عسقلان، ولكنها فرصة كانت لا تعوض.

ممن قابلتهم في الرملة، كان اثنين من مجموعة لكتائب شهداء الأقصى من مدينة يطا، كانوا يشعرون بالفخر أنهم يشاركون في الإضراب ويشعرون بالأمل أنهم سيخرجون من السجن قريبا، كما وعدهم القيادي مروان البرغوثي بالرغم من أحكام المؤبد العديدة التي تنتظرهم.

ولكن طالب (وهو أحد الأسيرين) أخبر الأسرى أنه وصل وعد مؤكد من مروان البرغوثي أن الإفراج عنهم سيكون قريبا، وأن جميع المؤبدات سيخرجون إلى دول عربية شقيقة كنوع من الصفقة بين مروان وإدارة السجون.

أنهيت فترة مكوثي في الزنازين، والتي طالت نتيجة مجريات الإضراب، فقمنا بالاحتجاج بضرب أبواب الزنازين ليتم نقلنا للأقسام، وكان يحدونا أمل أن نجد السجون وقد تنعمت بنتائج الإضراب المطلبي، والإنجازات التي كان الأسرى يحلمون بها، ولما سألت أحد قدامى الأسرى في "قسم 12" بسجن عسقلان عن تلك الإنجازات، فأشار هازئا إلى منشر للغسيل في زاوية ساحة السجن (الفورة)، قائلاً لقد تم خيانتهم من بعض القيادات مقابل مصالح تلك القيادات الشخصية وتم إنهاء الاضراب دون أن يحقق جميع مطالبه.

عرفت في السنة التي مكثت بعدها في السجن، عمن أفشل الإضراب، وعن الدور الذي لعبه سجن (هداريم) في خداع قيادة الإضراب في سجن (نفحة)، وكيف ساعد تخاذل القيادات في سجني (عسقلان وايشل) بالايقاع بالأسرى وإنهاء الإضراب بطريقة غريبة عجيبة لم تسمح بتحقيق أي إنجاز حقيقي يذكر.

تابعت خلال الأعوام الماضية إضرابات الأسرى المختلفة، الفردية منها والجماعية، المطلبية والسياسية، وتعرفت على ما نشرته الصحف العبرية عن موقف بعض القيادات الأسيرة المتخاذل والمتواطيء مع إدارة مصلحة السجون ضد الأسرى ومصالحهم ومطالبهم.

لا أعرف ما هي أهداف مروان البرغوثي من قيادته لإضراب الأسرى الذي تم البدء به في 17-4-2017، هل يأتي ضمن الضغط على قيادة فتح و (م.ت.ف) لحثها على فعل أكثر في مجال إطلاق سراح الأسرى، أم يأتي ضمن سياق المناكفة ردا على عدم إنتخابه نائبا لرئيس اللجنة المركزية، أما تأتي ضمن توافق وطني (على مستوى سجن هداريم كحد أدنى).

لكن بالطبع مروان يعرف من تسبب في إستثنائه من صفقة وفاء الأحرار ويعرف حجم التأييد له في أوساط أسرى حركة فتح، ويعرف أكثر أقصى ما يمكن لقيادة فصيله ومنظمته فعله في هذا الزمن الأغبر.
وفي كل الأحوال فنحن مع الأسرى، في إضرابهم، داعين الله أن يمن عليهم بصفة جديدة مشرفة لا تبقي منهم أحداً في تلك السجون الظالمة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.