فكانت الفترة حوالي 10 أيام كاملة، أخبرت سجاني أنني سأسكن غرف المعبر بالرملة مع المضربين، الذي استغربوا من طلبي، وخاصة أن المنطق النضالي لا يجبر أسير الزنازين على المشاركة، لكن رغبتي بتجربة كل الأشياء في تلك "الحبسة" كانت أقوى، بالرغم مما جره قراري بالمشاركة بالإضراب من بعض الملاسنات مع ضباط النقل في عسقلان، ولكنها فرصة كانت لا تعوض.
ممن قابلتهم في الرملة، كان اثنين من مجموعة لكتائب شهداء الأقصى من مدينة يطا، كانوا يشعرون بالفخر أنهم يشاركون في الإضراب ويشعرون بالأمل أنهم سيخرجون من السجن قريبا، كما وعدهم القيادي مروان البرغوثي بالرغم من أحكام المؤبد العديدة التي تنتظرهم.
أنهيت فترة مكوثي في الزنازين، والتي طالت نتيجة مجريات الإضراب، فقمنا بالاحتجاج بضرب أبواب الزنازين ليتم نقلنا للأقسام، وكان يحدونا أمل أن نجد السجون وقد تنعمت بنتائج الإضراب المطلبي، والإنجازات التي كان الأسرى يحلمون بها، ولما سألت أحد قدامى الأسرى في "قسم 12" بسجن عسقلان عن تلك الإنجازات، فأشار هازئا إلى منشر للغسيل في زاوية ساحة السجن (الفورة)، قائلاً لقد تم خيانتهم من بعض القيادات مقابل مصالح تلك القيادات الشخصية وتم إنهاء الاضراب دون أن يحقق جميع مطالبه.
عرفت في السنة التي مكثت بعدها في السجن، عمن أفشل الإضراب، وعن الدور الذي لعبه سجن (هداريم) في خداع قيادة الإضراب في سجن (نفحة)، وكيف ساعد تخاذل القيادات في سجني (عسقلان وايشل) بالايقاع بالأسرى وإنهاء الإضراب بطريقة غريبة عجيبة لم تسمح بتحقيق أي إنجاز حقيقي يذكر.
تابعت خلال الأعوام الماضية إضرابات الأسرى المختلفة، الفردية منها والجماعية، المطلبية والسياسية، وتعرفت على ما نشرته الصحف العبرية عن موقف بعض القيادات الأسيرة المتخاذل والمتواطيء مع إدارة مصلحة السجون ضد الأسرى ومصالحهم ومطالبهم.
لا أعرف ما هي أهداف مروان البرغوثي من قيادته لإضراب الأسرى الذي تم البدء به في 17-4-2017، هل يأتي ضمن الضغط على قيادة فتح و (م.ت.ف) لحثها على فعل أكثر في مجال إطلاق سراح الأسرى، أم يأتي ضمن سياق المناكفة ردا على عدم إنتخابه نائبا لرئيس اللجنة المركزية، أما تأتي ضمن توافق وطني (على مستوى سجن هداريم كحد أدنى).
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.