شعار قسم مدونات

أحلامنا المؤجلة.. إلى متى؟

مدونات، أمل

لا تكاد تخلو مرحلتي الطفولة والشباب لكل شخص منا من مخططات وأهداف وأحلام رُسمت بعناية في أذهاننا ومخيلتنا بقيت تنتظر ترجمتها إلى أرض الواقع أو لنقل إشارة البدء من عزيمة ومثابرة للمضي بها قُدُما نحو الإنجاز. هي أشياء تتجاوز قدراتنا تأتي كي تحول بيننا وبين ما طمحنا للوصول إليه لككنا رغم ذلك قادرون على قلب المعادلة لصالحنا ألم يقل صل الله عليه و سلم "لو تعلقت همة المرء بما وراء العرش لناله" ولم يذكر البتة عمرا لذلك ولا حدد وضع اجتماعي ولا جنسا فالأمر يشمل الجميع لو وجدوا لذلك إرادة فالقضية إذن قضية همة عالية وعجلة الطموح والتي بدورانها ستنقلنا نحو ما عزمنا على تحقيقه وما كنا نصبو إليه.

وبما أن الطريق الفاصل بين الواقع والأحلام محفوف بالمكاره والعراقيل والموجات السلبية، فإننا قد لا نحقق منها ولو القدر القليل وهو ما سيخلف حسرة في قلوبنا ويحولنا إما إلى أشخاص سلبيين طالما أننا عجزنا عن الإيفاء بما عاهدنا به أنفسنا منذ الصغر، وإما سيحولنا إلى آباء يجبرون أبناءهم على تحقيق أحلام هي ليست لهم وإلى ممارسة هوايات و مهن لا تتناسب و ميولاتهم فتُهدر في الأثناء طاقتين عدا ما سينجر عن ذلك من خلافات وصدامات.

مهما تنازلنا وتملكنا شعور بعدم الرضا لا يجب أن نترك ذلك الأمر ينغص علينا اقبالنا على الحياة فليس كل ما نتمنى بلوغه هو بالضرورة لصالحنا وليس كل ما نسعى له هو سعي مشكور.

ولعل المرأة أكثر من يضطر إلى هجر أحلامه وما يزيد الأمر تعقيدا اعتقادها بأن منسوب السعادة سيكون عال لديها لو اكتفت بالزواج والإنجاب ووظيفة إدارية رتيبة، لكنها ستدرك متأخرة أن متعة تحقيق الهدف منقوصة لديها، وأن لا شيء يمكن أن يعوض رغبة المرء بالاستقلالية وبناء جزء يسير من شخصيته وتجسيد تطلعاته كي لا يعيش روحا تائهة تبحث عن مأوى ونفسا عطشى لذاكرة لم ترى النور.

قد تكون رغبة في الاستقرار ورضوخ لإملاءات الواقع وإملاءات الارتباطات الأسرية ما يدفعنا نحو التضحيات وإن كانت على حساب سعادتنا وأحلامنا المؤجلة التي شقينا من أجل تحقيقها كي نعيش سعداء وبمزاج جيد إلا أنه مهما تنازلنا وتملكنا شعور بعدم الرضا لا يجب أن نترك ذلك الأمر ينغص علينا اقبالنا على الحياة فليس كل ما نتمنى بلوغه هو بالضرورة لصالحنا وليس كل ما نسعى له هو سعي مشكور.

وأجمل إجابة سمعتها في هذا السياق ما قاله الشيخ الدكتور سلمان العودة عندما سُئل في أحد المنتديات دائما كنت أحلم بأن أصبح متعلمة وأن أحمل أعلى الشهادات ولكن الحلم مات قبل أن أموت. كنت إحدى المترشحات للبعثة قبل 9 أشهر لكن لم يكتبها الله لي فالظروف وقفت عائق أمام تحقيق حلمي. حزنت كثيرا وبكيت لكني كنت أقول لنفسي بأنها خيرة خاصة وأني استخرت كثيرا قبل وبعد البعثة ولكن مازال بالقلب غصة رغم أني متفائلة جدا جدا وراضية وقنوعة أتمنى أن أجد عندك ما يشفي الجرح ويزيل الهم أيها الشيخ الفاضل. وقد كان الجواب كالتالي لا تجعلي حياتك ومستقبلك في هدف واحد إذا لم يتحقق انهار كل شيء هنالك أشياء كثيرة بديلة ولا يكاد يوجد في الحياة شيء إلا ويوجد بدائل عنه. عند عدم تيسره ابدئي من جديد وأيقظي الحلم بداخلك واعملي وفق الممكن واعتقدي الثقة بأن الله سيساعدك وسيحقق ما تريدين بفضل الله وحوله وقوته.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.