شعار قسم مدونات

من يستحق الشهرة؟

الشهرة

أضواء تلاحقني، أناس يمدحونني، أصوات تهتف باسمي، يتلهفون للتصور معي، إنها الشهرة وما تصنع. ما الذي جعل الكثير منا يهوى الشهرة؟ أهو حب الظهور؟ أم لإيصال رسالة؟ هل أصبحت الرغبة نحو النجومية مرض العصر؟ يرى البعض أن الشهرة لها بريق جذاب وساحر لتصبح الشهرة محطة أحلام الكثير من أصحاب الأفكار الضعيفة جاعلين أولوياتهم تتمحور على كيفية التسلل إلى قلوب وعقول معجبيهم بأتفه الطرق ليزداد عدد "الايكات" و"الكومنتات" على صفحاتهم، ظنا أنها سترفع من شأنهم، فتحولهم دون أي نذير إلى قدوات شبابنا اليوم دون حمل أي رخصة صالحة ومؤهلة للجلوس على مقعد الشهرة، فيفقد المقعد قيمته ويجلس عليه كل من هوى لتلحقه أعين الإعجاب الفارغة والضائعة على كل من يجلس على هذا المقعد من ورق.
 

أتعجب حقا من هؤلاء الذين استغنوا عن حياتهم الشخصية من أجل الشهرة والمال، صانعا من حياته فيلما للملأ، لا يتابعه إلا من هو فاقد متعة الجهد والعمل والطموح، من أدمن على تضيع الوقت.

في عصرنا أصبحت الشهرة دون إرشادات معينة للوصول إليها وأن ليس من الشرط أن تنبت من بذرة العمل والجهد وإفادة الغير بل لأسباب شخصية ولاستغلال من حولهم لمصالحهم الشخصية بدلا من إرشادهم وإفادة هذا الكم الهائل من المتابعين، لتصبح المعادلة غير متوازنة، فهو يأخذ أكثر مما يعطي.  فالشهرة في زمننا هذا لا تصرح عن إنجازات الشخص وأعماله بل أصبح مفتاح الشهرة في متناول أي يد وطريق سهل لجذب العقول السطحية إليهم، كثر الإمعات وقلة النضج عند الشباب قد ساهم في وضع أسماء من أمتلك الشهرة بغير حق على لائحة "الملهمين".

وأتعجب حقا من هؤلاء الذين استغنوا عن حياتهم الشخصية من أجل الشهرة والمال، صانعا من حياته فيلما للملأ، لا يتابعه إلا من هو فاقد متعة الجهد والعمل والطموح، من أدمن على تضيع الوقت.  وكم من مشهور قد خطفت لهاب النجومية أبصاره ثم ما لبثت أن تجعله من رمادها، يدفعون الغالي والنفيس من أجل حمل لقب "الشخص المهم والمحبوب"، فحب الظهور قد أفترس قيمهم ومبادئهم، غارقين في جهلهم، ليجروا معهم معجبيهم وما أن يفوت الأجل حتى تتكحل أعين من أتبعهم بالندم، فكم من شب أو طفل غير واعي أخذ من إنسان فارغ العقل والدين قدوة له يتبع خطواته بدقة، ليسقط على الأرض وينكمش بسبب القرارت التي أتخذها في حياته التي كان مصدرها شخص قد ظنه قدوة نافعة.

هذه القضية ليست سهلة ولا يجب الاستخفاف بها فشبابنا أول طعم للإعلام الساقط، يجب حماية أنفسنا من الذين أتخذو الشهرة وسيلة لتعويض نقصهم، من الدعاة الذين أتخذو من نفسهم الفتوة بدل من القرأن، من الحكماء الذين يغرسونك بأقوال لا تدري ما مصدرها ومن يحلل ويحرم على هوائه ورغباتهم ومن كان عذره "حب الفكاهة" عند تعارضه على الدين والمجتمع ومن الذين جعلوا جوهرة الفتاة جمالها وجسمها لا عقلها وأخلاقها.
 

أغرق أفكارك بالحكمة والفضول النافع وليكن هدفك أن تترك أثر إيجابي، ولا أن تلحق خلف ذاك البريق الزائف، فإن الشهرة لا تهوى من يسعى لها، بل أنجز بصمت حتى تدق بابك.

نعم الشخص يجب أن يكون مسؤول عما يسمح لبصره أن يراه وأذنه أن تسمع ولا يمكن لوم من وراء الشاشة بالكامل فكلنا مسؤولون عن أنفسنا وأن ندرعها من أي فساد ولكن لماذا لا نقضي على المصدر قبل انتشاره بشكل مريع جاعلين ذو الحق والإفادة قلة وتسهيل المهمة على من هم أقل نضج وخبرة. من الحلول هو تسليط الضوء على من هم حقا موهوبين ولا أن نغلق عليهم الستائر قبل عرض أفكارهم وإبداعاتهم لأنها قد لا تنفع مصالحنا الشخصية أو ربما المالية.

 فمن نظري أرى أنها مسؤوليتنا جميعا أن نغذي الإعلام الهادف ليطغو على الفاسد ونسعى لأن نكتشف ونقدر هؤلاء من هم حقا مثقفين وأصحاب العقول الراقية ونساهم على تطويرهم وحفزهم وبذلك بأن لا نطفئ شمعة أحلامهم التي تحتاج إلى دعمنا، ليلهموا من يتابعهم بشكل إيجابي وهادف وبهذا قد نترك بصمات مؤثرة وعميقة ورائنا قد تساهم في تقدم مجتمعنا العربي لا برجوعه وهذا فقط باستغلال قوة الإعلام المخيفة في المسار المشرق والصحيح.

أغرق أفكارك بالحكمة والفضول النافع وليكن هدفك أن تترك أثر إيجابي، ولا أن تلحق خلف ذاك البريق الزائف، فإن الشهرة لا تهوى من يسعى لها، بل أنجز بصمت حتى تدق بابك فلا عيب بالشهرة إن كانت عند مكانها وقد استغللتها بما يرفع المجتمع لا يسقطه. فالشهرة النافعة تحمل تحت طياتها مسؤولية ضخمة لا يجب أن يستهان بها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.