شعار قسم مدونات

لغة واحدة لا تكفي

blogs - تعلم اللغات
يقول المثل التشيكي: "أولئك الذين يعرفون لغات عديدة، يعيشون العديد من الحَيوات بقدر اللغات التي يعرفونها"، و يقول جيفري ويلانس: "لا يُمكنك أبداً فَهم لغة واحدة حتى تفهم اثنتين على الأقل". عند الحديث عن فائدة تعلّم لغة ثانية، ستجد الكثير من الأقوال و التجارب التي تتكلّم عن ذلك، و ليس الأمر مبالغا فيه، فتعلّم لغة أخرى يفتح أمامنا الكثير من الآفاق و يوسّع من مداركنا و يجعلنا أكثر قدرة على فهم ثقافات الشعوب، هذا عدا عن الفائدة الصحية في كونه من إحدى الوسائل لتنشيط الدماغ و تقليل فرص الإصابة بالزهايمر.

ما سأذكره هنا بالتحديد، هو كيف أن تعلم لغة ما يجعلنا قادرين على فهم لغة أخرى، وبالتحديد في أصل بعض الكلمات. على سبيل المثال، عندما تتعلّم واحدة من اللغات اللاتينية كالإيطالية أو الإسبانية أو الفرنسية، فإن ذلك يجعلك قادراً على فهم الكثير من الكلمات الإنجليزية ذات الأصل اللاتيني و خصوصاً في المجال الطبي.

في اللغة التركية هناك عددا لا بأس به من المفردات التي نستخدمها في لهجاتنا المحلية، مثل كلمة أوضة Oda وتعني غرفة، بوز Buz وتعني جليد، بالتو Palto وتعني معطف شتوي.

فمثلاً عندما تعلم أن كلمة "سن" بالإيطالية تعني "Dente" ستفهم لماذا طبيب الأسنان بالإنجليزية يُسمى "Dentist"، و مثله أيضاً كلمة "أرَق"، بالإنجليزية "Insomnia" و بالإيطالية "Insonnia" و كلاهما يرجع للأصل اللاتيني "Insomn"، وكلمة Medical وMedicine يعودان للكلمة اللاتينية Medic وMedicina، لذا نجد أن "طبيب" في الإيطالية هو " Medico" و منه كل الاشتقاقات المتعلقة به. 

ولأن اللغة الإنجليزية فيها أصول جرمانية أيضاً، فإن كلمة مثل "Kindergarten" تُصبح مفهومة لنا أكثر عندما ندرك أنّها جائت من الكلمتين الألمانيتين "Kinder" و تعني أطفال و"Garten" و تعني حديقة أو روضة. كلمة "Octopus" وبالعربية "أخطبوط"، يعود كلاهما إلى الأصل اليوناني "oktopous" وتعني حرفياً "ثماني الأقدام".

وبطبيعة الحال لا يقتصر الأمر على اللغة الإنجليزية فحسب، فمثلاً الدارس العربي لللغة الإسبانية سيجد كماً كبيراً من المفردات ذات الأصول العربية، مثل Azucar سكر، Arroz أرز، Camisa قميص … الخ.

و عندما تدرس اللغة التركية ستكتشف أن هناك عددا لا بأس به من المفردات التي نستخدمها في لهجاتنا المحلية ذات أصول تركية، مثل كلمة أوضة Oda وتعني غرفة، بوز Buz وتعني جليد، بالتو Palto وتعني معطف شتوي … الخ. و أيضاً كلمات مثل "بندورة" و "طاولة" فهما في الأغلب يعودان للأصل الإيطالي "Pomodoro" و "Tavola". 

من خلال هذه الأمثلة البسيطة والسريعة، ستلاحظون أن اللغات تأخذ من بعضها، وتتداخل فيها المفردات بكثرة، وخاصة عند الاحتكاك بين الشعوب. لذلك دراسة أكثر من لغة تُتيح لنا الفرصة لنتعرف و نكتشف الكثير، فلغة واحدة قطعاً لا تكفي للبحث فيما وراء الكلمات. ولا أخفيكم كم هو ممتع البحث في أصول الكلمات، و أذكر هنا تجربة بسيطة حدثت معي، سأختم بها هذا المقال:

في بعض اللهجات العربية يُسمون الحذاء البيتي الذي يُلبس في الشتاء "منطفلة" أو "منتفلة"، كان واضحاً لي أنّها كلمة غير عربية، وبعد البحث وجدت أنّه في الإيطالية يُسمون الحذاء البيتي "Pantofola" وبالإنجليزية " Pantoffle"، وكلاهما على الأرجع يعودان للأصل اليوناني القديم " Pantophellos" وباليونانية الحديثة " Pantofla". وبالمناسبة باليونانية يعني حرفياً "من الفلين".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.