شعار قسم مدونات

لا تحدثني عن الرجولة.. دعني أراها

blogs الرجولة

إن ظننت للحظة أن باستطاعتك إثبات رجولتك بالتحدث عن نفسك فأنت حتما مخطئ..

الرجولة يا سيدي تُشعر وتُلمس وتُرى.. تعيش ملاصقة لصاحبها كظله يراها الجميع إلا هو، تحضر معه إن حضر فتضيف لحضوره هيبة وسحرا، ولا تغيب إن غاب فتُطبع في عقول الناس تماما كما تُطبع ملامح صاحبها.. الرجولة أجمل ما يمكن أن يوجد في المرء على الإطلاق، أجمل من أجمل ملامح، وأفخم من أفخم لباس، وأكبر من أكبر شركة، هي ثمرة حكمة العقل وقوة الإيمان وطهارة القلب، ليست لأي أحد ولا تليق بأي أحد ولا تشترى لا بالمال ولا بالكلام ولا بغيره، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك..

 

الرجولة عمل بطولي لا يُصنع في النوادي الرياضية ولا يقاس بأرقام كشوف الحسابات البنكية، لن تصل إليه بالصوت العالي ولن تناله بالاستعلاء على البشر، ليس زرا تضغط عليه أو ميزة تقتنيها، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك.. دعك من الرجولة يا سيدي فهي أمر صعب لا يطيقه الكثيرون، إذ لا يمكن لصاحبها أن يعيش على هامش الحياة هائما على وجهه بلا هدف، حياته أسمى من أن تتمحور حول نفسه وأكبر من أن تدور في فلك ممتلكاته، لا خبز له في الادعاء ولا يجيد لعبة الأقنعة ولا يكترث كثيرا لاعتبارات البشر، يكفيه أن يطرح ما لديه بصدق ولا يهمه بعد ذلك إن صدقته أم لا، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك..

 

الرجولة أسمى ما يمكن أن تبحث عنه المرأة في الرجل، فإن وجدته وجدت الحب الذي لا يذبل، والتواصل الذي لا يُقطع، والثقة التي لا تُخدش، متى وجدته وجدت إشباعا لقلبها وعقلها، وحظيت بمن يصلح لأن يكون رفيقا لدربها في الدنيا والآخرة

الرجولة يا سيدي كلمة حق وموقف حق، هي نصرة المظلوم على الظالم وابتغاء وجه الله في كل قول وفعل، هي الأخلاق الكريمة والمعاملة الحسنة، هي الشهامة عند حاجتها والشجاعة في وقتها، هي أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، هي أن تكون مستعدا للتضحية في سبيل ما تؤمن به، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك..

 

الرجولة أسمى ما يمكن أن تبحث عنه المرأة في الرجل، فإن وجدته وجدت الحب الذي لا يذبل، والتواصل الذي لا يُقطع، والثقة التي لا تُخدش، متى وجدته وجدت إشباعا لقلبها وعقلها، وحظيت بمن يصلح لأن يكون رفيقا لدربها في الدنيا والآخرة. متى استشعرت الأنثى حضور الرجولة حولها ميزتها على الفور – دون حاجةٍ منك لاستعراضها –  كما يميّز الوليد رائحة أمه، فأرح نفسك إذن من عناء إثبات رجولتك..

 

عذرا يا سيدي، لكن اداءك المسرحي هذا لم يقنعني، وطريقتك الاستعراضية تلك لم تقنعني، ووصفك المبالغ فيه لم يقنعني. كيف لي أن أصدق رجولةً يتحدث صاحبها عن نفسه كما يتحدث المتيم عن محبوبته، يرى نفسه أفضل من غيره تماما كما يرى المحبوب محبوبته أجمل النساء. كيف أصدق كلامك وأنت تضع نفسك في مرتبة فوق كل البشر ثم تدعي أن نظرتك الفوقية تلك هي الأصدق والأكمل! الرجولة يا سيدي شأنها كشأن أي شيء حقيقيّ، ليست بحاجة لإثبات، فدعك إذن من عناء إثبات رجولتك..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.