شعار قسم مدونات

ما عاشت ثورة بالمُحَايِدين

blogs - شاب تونسي
"لا حياد في مجتمع بلا عدالة، لا حياد في مدينة العرى والفيزون، مدينة الجوع والتخمة، المحايدون هم المجرمون الأوائل. الأكثرية الصامتة هي الأكثرية المجرمة، إنها ترى الظلم وتعانيه، لكنها تؤثر السلامة الرخيصة على الكفاح الخطر النبيل." (غادة السمان – كوابيس بيروت).
 

يتحدث اللقطاء في الوطن عن ضرورة الحياد، أن تكون في مسير ثورة سطرّ طريقها بالدمّ الفائحة ريحه بالكرامة والخبز، وتحت سماء الشهيد المرادف للشهامة وفخر الوطن أن تسمعهم يتحدثونّ عن الحياد، حياد الإعلام، المدارس، الجامعات، النقابات، المثقفون، منظمات أهليّة، جمعيّات الرياضة، البوليس، الجيش، المساجد، الكنائس… أقول لهم قدمي فيكم وفي حيادكم!
 

باسم حياد القضاء: أطلق سراح مجرمة النظام السابع، ليسوا بإنْسِ أو جانِ؛ بل هم السلالة العليَا للتوحشّ البشري، لم يغسلوا عارهم بعدُ في سجونهم التي بنَوْهاَ لأبناء الشعب المغتصبِ.

لا حياد في الثورة، إمّا ان تكون في صفّها أو معاديا لها ولكَ سديد الاختيار، لا حلول وسطا فيها، إمّا مع شرفنا المغتصب، استعادة مجدنا التليد، تاريخ قرطاج، سيّدة المتوسطّ، مرورا بثرى أمازيغينا العتيق الشامخ، والعربي النابض فينا، استلهاما من خٌلُق أجدادنا المصلحين: من خير الدين، الثعالبي، الطاهر حدّاد… إلى أبائنا نسور السلاح: الدغباجي، الأزهر الشرايطي، ساسي لسود..
 

يتشدقّ البعض بالحياد، ويجاهرون به، وهو لفي ذلكَ لجرمُ.. والحياد نهايته خيانة، فباسم الحياد وفي بيت دعارة "الاستقلالية" يمارس بعضهم أعتى صنوف عبادة نظام ما أبى الرحيل عن صدرونا، وما لملمَ أدباشه وتركَ هذه البلاد ليعيدونهُ إلينَا، ضحيّة..
 

باسم حياد القضاء: أطلق سراح مجرمة النظام السابع، ليسوا بإنْسِ أو جانِ؛ بل هم السلالة العليَا للتوحشّ البشري، لم يغسلوا عارهم بعدُ في سجونهم، ولم يذوقوا العذابات في تلك السجون التي بنَوْهاَ لأبناء الشعب المغتصبِ في خبزه وكرامته، لم يستحوُا من إطلاق رصاص أصفر حيّ في صدور شباب، بل سمحوا بمرتزقة من الخارج بالدخول إلى البلاد ليشاركوهم متعة القتل وساديتهم وعقيدتهم الذئبيّة المقيتة… هؤلاء أطلق سراحهم قضاء العسكر، المتواطئ في الجريمة، الذي ارتعدت فصائله ذات "14 جانفي" من غضب شعبي عارم لم ينهِ إلى اليومِ معركته… أصبح القضاء المحايد لا يستحي بإحالة شباب رضع الثورة، وتربّى معها، أن يحاكمه بتهمة "تحليل الثورة".
 

باسم حياد الاعلام: أصبح الشهداء، المتساقطون كالمطر على هذه الأرض ليغسل عارها من الجبْنِ والغبنِ، أصبحوا لصوصا وسرّاقاّ، يسرقون المحلاّت التجاريّة الكبرى، وينهبون الخمور ويسرقون الحواسيب ويرعبون الماّرة… أصبحوا لدى الإعلام المحايد حثالة، وأضحى التقسيم للشهداء من مات قبل 14 جانفي ومن مات بعده، وغاب عن هؤلاء المحايدين أن شهيدا سقط وهو يقاوم الروم من دخول البلاد قديما إلى مقاومة الاحتلال الفرنسي، إلى النضال ضد دوس كرامة الوطن، ومن بال على شعبه، وأبكاه، وأرعبه هو شهيدا، وتونس هي جنّة من جنان الشهداء، وورد يتفتحّ، وشمس تشرق، والشهداء لزالوا يرتقون إلى السماء حتّى يصبح الشعب سيّدا على هذه الأرض..

أعاد الينا الإعلام المحايد: هيئة أركان النظام السابع مجملاّ إياهم بتراث بورقيبي كريه، وأذيعت الحوارات معهم في الجرائد وعلى موجات الراديو، وشاهدناهم بوجوههم المكفهّرة يسبوّن الثورة،  الشهداء والمناضلين، لتصل دناءة عاهرة من عاهرات السابع تتشدقّ بقصيد تمجدّ فيها بن علي… إعلام محايد سكت عن قمع الثوريين والزجّ بهم في السجون بتهم حرق المراكز وتكوين وفاق والاعتداء على عون البوليس وأصبحت في محاضر البحث لدى البوليس تكتب جملة "ما سميّ بأحداث الثورة"!! إعلام محايدُ يشارك في جريمة الصمت على زحف سرطان النظام السابع على الوطن، إنّه الإعلام المحايد..

أعاد الينا الإعلام المحايد: هيئة أركان النظام السابع مجملاّ إياهم بتراث بورقيبي كريه، وأذيعت الحوارات معهم،  وشاهدناهم بوجوههم المكفهّرة يسبوّن الثورة.

باسم البوليس الجمهوري: وفي ذلك لعجبُ العٌجابِ إذ أنّ هناك نفاق يثير الرداءة والبذاءة: إذا قتلوا السلفيين، فقط السلفيين: فإنّك لتسمع صوت من أهداهم الورود، وربتّ على أكتافهم وقبلّهم يقول: إنّه الأمن الجمهوري، وغاب عنهم أن الأمن المحايد أو الجمهوري أو من غير تلك الأغلفة التي يريدون تخدير الشعب بها.. أنّ هناك فرق من المحيط إلى السماء بين الأمن والبوليس، الأمن أو فرق منه لا تكن من الثورة عادة، بل تسعى إلى تخريبها ومعاداتها، ولعلنّنا لا كبر شاهدون عن ذلك، لأنهم في أصلهم ليسوا إلاّ عنصرا أساسيا من هذا النظام.

فليسقط حياد هؤلاء، فما ثورة منتصرة إلاّ وألغت الحياد من قاموسها، وأقامت المتاريس لتحمي نفسها ومكاسبها، في ذلك وفاء لتاريخ الأرض، ورقصات النصرّ، معبدّة هذا الطريق الطويل بدماء أبنائها.  قدمنَا نحن اللامحايدون، المنحازون لمن هم تحت، المقاومون في الثورة، في الحكومات والمحايدين والاعداء ومن لفّ لفهمّ من الخونة والرعاع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.