شعار قسم مدونات

جدي وعمي معتقلان في إريتريا

blogs - afwerki

إريتريا البلد المنسي عمدا مع كامل الترصد، تلك الرقعة المنحوتة على سفوح الجبال لم نعرف عنها الكثير سوى دكتاتور ممسك بزمام السلطة على شبه دولة مؤقتة منذ تسعينيات القرن الماضي بعد أن سرق ثورتهم وشرد رفاق النضال. وكعادة الدكتاتورين في إخضاع أهم فئة في المجتمع أخضع "أسياس أفورقي" الشباب لمعسكرات خدمة عسكرية طويلة الأمد لا يعرف لها نهاية في معسكرات "ساوا" و"القلقلوت" التي يندى لها الجبين.

 

يجب على كل أحرار العالم ان يلتفتوا إلى قضية المعتقلين الإريتريين وألا ينقطع جهد المناضلين كي تُحرر إريتريا من هذا الكابوس الجاثم على صدرها.

كل هذه الضغوط أدت إلى تشرد آلاف الإريتريين قاصدين أوطاناً أخرى مفضلين العيش كلاجئين أو يمموا وجوههم نحو البحر الذي لم يكن لهم أرحم من الوطن، فصاروا وجبات شهية لأسماك البحر.. أما من ارتضى العيش في الوطن فعاش بشروط "أفورقي" أو اعتقل في سجونه الأرضية وسيكون محظوظا لو لم يكن معذبا..

 

معرفتي بإريتريا كغيري من شباب السودان "سطحية" لا أذكر منها إلا واقع الحروب والاضطرابات بين البلدين في أواسط التسعينات وحين هاجم "جون قرنق" مدينتي (كسلا) شرقي السودان منطلقا من إريتريا.. لذلك تجدني لا أكن لنظام "أسياس أفورقي" إلا ذاكرة طفولة مضطربة بأصوات المدافع ورائحة البارود ومن حكايات الصبا حين تروي أسرتي اعتقال عمي الذي كان يعمل بتجارة الحدود فاعتقله النظام الدكتاتوري في إريتريا ولم يفتأ أن يلحق به جدي الذي ذهب باحثا عنه.. كان ذلك قبل عشرين عاما من الآن ولك أن تتخيل أطفاله الثلاثة لا يذكرون عنه شيئا وأصغر بناته لم تراه قط.. طوال هذه المدة لم نقف عن السؤال عنهما وحتى سافر بعض أفراد العائلة إلى هناك لكن لم يجد جديد..

 

يوم المعتقل الإريتري الذي يصادف الرابع عشر من هذا الشهر ما هو إلا فرصة لتسليط الضوء على هذه الفئة المنسية والتي تضم آلاف من عامة الشعب وفنانيه وثواره.. وأيضا فرصة لإيصال صوت كل الأسر التي لها اعزاء في غياهب سجون أسياس أفورقي سيئة السمعة والكثير منهم انقطعت عنهم المعلومات..

 

يوم المعتقل الإريتري هو فرصة سانحة للتعريف بإريتريا التي لم يذكر عنها الا القليل إعلاميا.. والدعوة إلى كل الإريتريين في العالم ونشطاء حقوق الإنسان للمشاركة في هذا اليوم عبر الوسائط المتعددة.. وهو دعوة إلى رعاية المنتوج الأدبي الإريتري لأهميته في إزاحة الغبار عن إريتريا.. لأننا نرغب في أن نجد أكثر من (حجي جابر) كي يُعرف بإريتريا كما ينبغي وأنا أكن له قدرا من تعريفي بإريتريا (كما كثيرون) فسافرت إلى أسمرا عبر (سمراويت) وتأملت معالم "كمشتاتو" و(مرسى فاطمة).

 

يجب على كل أحرار العالم ان يلتفتوا إلى قضية المعتقلين الإريتريين وألا ينقطع جهد المناضلين كي تُحرر إريتريا من هذا الكابوس الجاثم على صدرها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.