شعار قسم مدونات

الإرهاب طفلٌ صغيرٌ توجهه أيدٍ خفيَّة

blogs - isis
سايكس بيكو تعود بحلتها الجديدة في مصر كما كانت منذ قرن في الوطن العربي. إن الخطر الذي يلاحق مصر هو ذات الكابوس الذي عبث في الوطن العربي قديمًا منذ قرن من الزمان، سايكس بيكو تعود بشكل مصغر لتضع مصر على رقعة الشطرنج، مستغلًا بذلك شهامة العربي ومتلاعبًا بها لصالحه، وما سعت إليه الأيدي الخفية لتقسيم السودان إلى قسمين، الآن تعبث في مصر لتثير العنصرية بين المسيحيين والمسلمين، وتأخذ مصر في نزهة لتمارس التقسيم فيها مجددًا..


لكن من وراء ذلك العبث الخفي اليوم؟ لازال الوطن العربي كلما استفاق من غفلته و شارف على الالتحام، تعود اللحمة متفككةً متبعثرة، فترانا في الوطن الواحد ننقسم إلى مسلم ومسيحي، وبين المسيحيين ننقسم إلى قبطي وكاثوليكي وماروني، وبين المسلمين في الوطن الواحد ننقسم إلى إخواني وصوفي، وبين أبناء الوطن ننقسم إلى عشائر ولاجئين، وبين اللاجئين أنفسهم ننقسم بين شمالي وجنوبي.

إن ما ترمي إليه الحركة الجديدة المنتشرة في هذا العالم أن تسود لدى العالم فكرة التنصل من الأديان، وأن يصبح الناس في حل عن دينهم، فقد أصبح الدين في الدنيا كمتهم قابع خلف القضبان.

وهكذا دواليك حتى لا تعود لنا وحدة من قريب أو من بعيد، فكلما زاد خطر العداء بين أبناء الوطن العربي في كل جزء منه زاد الأمان على ذلك الوحش المتربع في أحشائه، فمن يدري إلى كم مصر ستتقسم مصر، وإلى كم لبنان سينقسم لبنان، وإلى كم سوريا ستؤول الأمور بسوريا!

إن الصهيونية التي تبطش بنا في الخفاء وتتغلغل في أحشائنا هي الأذكى بيننا؛ إذ تتقن فنون الحرب جيدًا، وتعلم كيف تدير شؤون البلاد وتنهب خيراتها دون تدخل مباشر ودون أن يشعر أبناؤها بذلك، وترانا كلما خمدت النيران في أوطاننا تعود وتذكي نارها بشراسة اللهب، وتزيد فوق النار الحطب، والعجب كل العجب، أن ينظر ذلك العدو المتربص من بعيد بعين الشفقة، مدليًا بتصريحاته الخبيثة متأسفًا على ما يجري في العالم العربي .

والهدف الأول والوحيد الذي تسعى تلك الأيدي الخفية لتحقيقه إنما هو تشويه صورة الأديان، والدين الإسلامي منها على وجه الخصوص، فما من خطر يلاحقها أشد من خطر الإسلام إذا عاد، منذ متى كان تفجير الكنائس هو الذي يقرب المسلمين من دينهم زلفى؟ منذ متى كان يهضم الإسلام حقوق الأديان الأخرى؟ منذ متى كان الإسلام جحيمًا للعالمين لا رحمة؟

إن ما ترمي إليه الحركة الجديدة المنتشرة في هذا العالم أن تسود لدى العالم فكرة التنصل من الأديان، وأن يصبح الناس في حل عن دينهم، فقد أصبح الدين في الدنيا كمتهم قابع خلف القضبان والكل يشير إليه بأصابع الاتهام، والقاضي متبنٍ للقضية، فلا بمقدوره أن يرد التهمة عن نفسه، ولا بمقدوره التحرر لإبراز عكس ما وقع عليه من اتهام.

لكن إن كان الدين قد نزل من عند رب البشر ليرهب البشر، فلمن سيصل بعد أن يباد البشر؟! ومن فروع ذلك الهدف أن تثبت لدى الناس فكرة "الإسلام فوبيا" وأن يصبح الإرهاب والإسلام في منظور العالم وجهين لعملة واحدة، وتنصرف أنظار الناس عن ضحايا المسلمين عبر العالم، مثبتة النظر حول ما يجري لأصحاب الأديان الأخرى في أن تعزي ذلك الإرهاب للإسلام بلا ورع ولا شفقة.

لم يكن ولن يكون صوت تلك الحركة المدعوة ب (الدولة الإسلامية) المكونة من شتات المرتزقة صوتًا للإسلام، سواء رفعوا شعارات الإسلام أو نكسوها، فهم عارٌ عليها كانوا وما زالوا. ما كان الدين حكرًا على أحدٍ، ولا نزل على فئة دون الأخرى، فإن البشر إن أخطأوا وأعزوا أخطاءهم للدين، فليس من الحكمة أن نحمل الأخطاء على دينهم دون الرجوع إلى أحكامه والنظر فيه عن كثب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.