شعار قسم مدونات

الأمين العام للأمم المتحدة يزور النازحين

blogs - أمين الأمم المتحدة في الموصل
أنطونيو غوتيريش الذي قال عنه سالفا الرئيس البرتغالي السابق أنيبال كفاكو سيلفا أصبح لدينا اليوم صوت محترم يستمع إليه العالم، وهو يشيد بدوره في إدارة الوكالة الإنسانية الأممية التي كان يديرها في جنيف قبل أن يتم انتخابه بالأغلبية كأمين عام للأمم المتحدة مطلع هذا العام، زار بتاريخ 31/3/2017 مخيما للنازحين العراقيين من أهل الموصل الذين أصبحوا بضربة حظ سيئة بسبب سوء السياسات الخاطئة للحكومات العراقية المتعاقبة يمكثون في خيام متواضعة تفتقد كثيرا من شروط الحياة.

غوتيريش الكاثوليكي الذي قضى ليلة في ضيافة البارزاني رئيس إقليم كوردستان، زار صبيحة اليوم التالي وهو الأخير من شهر مارس؛ مخيمات نزوح الموصليين شرق الموصل برفقة وفد رفيع من حكومة الإقليم وبحماية رئاسية خاصة من حكومة الإقليم، ليسير في طقس ممطر مسافة أكثر من نصف الساعة بالعجلات الأممية في طرق وعرة قبل أن يستديرإلى طريق مفروشة بالحصى، حيث مخيم حسن شامي الذي شيد في منخفض مع مجموعة مخيمات أخرى عند الحافة الغربية لنهر الخازر في المنطقة الفاصلة بين أربيل ونينوى على أشراف مؤسسة إنسانية رصينة اتخذت منزلة عالمية مهمة تعمل إضافة إلى خدماتها الذاتية الفخمة كوسيط بين الأمم المتحدة ومخيمات النزوح.
 

المجتمع الدولي كان مقصراً في مساعدة إقليم كوردستان لإيواء النازحين، وسأبذل كل جهودي لجمع الدعم الدولي لإقليم كوردستان في ملف النازحين.

أكثر من إشارة استقبلها الضيف العالمي في رحلته بين أربيل ومنطقة الخازر، حيث مخيمات النازحين، أهمها أن هذه المساحات الشاسعة التي قطعها بالعجلة الأممية ذات الدفع الرباعي، هي أراض انتزعتها القوات الكردية من يد داعش، وأهممها أيضا أن كل مسافة تلتهمها عجلات مركبته تقربه أكثر من المدينة التي تشغل العالم المعاصر بسبب إعلان البغدادي فيها خلافته قبل ثلاثة أعوام.

كنا مجموعة كبيرة من وسائل الإعلام سبقنا الضيف الأممي لأجل تهيئة أجهزة التصوير في أماكنها المعدة مسبقا من لدن القائمين على إعلام المخيمات، وما إن وصل الضيف الأممي حتى ترجل مباشرة أمام أقرب خيمة بعد أن صافح المستقبلين وهو يوزع الابتسامات دون أن يرد على أسئلة وكالات الأنباء التي كان أفرادها يتسابقون بإطلاق أسئلتهم بصوت عال، ثم انسل في أول خيمة برفقة طاقمه الإداري والإعلامي دون أن يسمح لأي وكالة أنباء بمرافقته، وحيث كنت برفقة حشد كبير من زملائي الإعلاميين داخل سياج حديدي مشبك هيئ سلفا لاستقبال الضيف الأممي الرفيع، فقد تابعته من ثقوب السياج الحديدي في رحلته بين خيم النازحين التي امتدت لأكثر من 20 دقيقة تقريبا، إلا أنه عاد إلينا مليئا بالتذمر والحزن، وانتصب أمام منصة الخطاب وألقى كلمة مقتضبة لم تتجاوز الخمس دقائق، قبل أن يغادر المكان بقلب محطم.
 
أنطونيو غوتيريش قال: "هؤلاء الناس عانوا الأمرين ولا يزالون يعانون، نحتاج لتضامن أكبر من المجتمع الدولي معهم"، مضيفًا: "ليس لدينا الموارد الضرورية لدعم هؤلاء الناس، وليس لدينا التضامن الدولي المطلوب. وهذا يدل على مدى محدودية مواردنا لسوء الحظ، برنامجنا هنا يتم تمويله فقط بنسبة 8 %"، "المجتمع الدولي كان مقصراً في مساعدة إقليم كوردستان لإيواء النازحين، وسأبذل كل جهودي لجمع الدعم الدولي لإقليم كوردستان في ملف النازحين".

أنطونيو غوتيريش جاء ليقاسم ضحايا الكوارث آلامهم التي خلفتها أخطاء السياسيين العراقيين الذين لم يكف أحدا منهم نفسه ساعة من نهار لتفقد أحوالهم.

وإن مكافحة الإرهاب في الموصل هي محاربة الإرهاب في أي مكان، لأن الإرهاب أصبح يشكل تهديدا عالميا، وجميع الجماعات الإرهابية هي اليوم مترابطة، شعب الموصل بحاجة إلى تضامن المجتمع الدولي، وإن التضامن لا يمكن رفضه، لأن أولئك الجنود الذين شاهدناهم عن قرب يقاتلون من أجل أمننا في كل مكان في العالم.. التضامن الدولي أمر حيوي لتحسين ظروف المتضررين فضلا عن تهيئة الظروف للمصالحة داخل المجتمعات المحلية وعلى الصعيد الوطني بعد أن يتم تحرير الموصل بالكامل، زيادة الدعم من المجتمع الدولي هي في مصلحة الجميع.

أنطونيو غوتيريش البرتغالي الكاثوليكي الرقيق الذي شكلت كثير من الأحداث في حياته ميولا إنسانية عميقة لديه، منها فقدانه لزوجته التي قضت بالسرطان قبل سنوات، غرس ركبتيه في بقعة من بقاع وادي الرافدين بخفه الملطخ بوحل المطر الأخير عند مدخل إحدى الخيام ليستمع إلى معاناة ساكنيها وهم يشكون له عسر الحياة وشحة الماء وتكاثر الفئران والجرذان.
 
أنطونيو غوتيريش جاء ليقاسم ضحايا الكوارث آلامهم التي خلفتها أخطاء السياسيين العراقيين الذين لم يكف أحدا منهم نفسه ساعة من نهار لتفقد أحوالهم ابتداء من رئيس الجمهورية ورئيس حكومته، نزولا إلى الوزراء ونواب البرلمان.. خطوة جبارة تدل على يقظة الضمير الإنساني سلكها الأمين الأممي وسبقه بها زعماء أوربيون وأمميون كثر، وأخفق في أدائها الرئيس العراقي ورئيس وأعضاء حكومته.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.