شعار قسم مدونات

الحكام من المريخ والشعب يعينه الله

blogs - حكام العرب
استوقفت عجوز أمير أكبر دولة في ذلك الوقت وقالت اتق الله يا عمر، امرأة عجوز تتكئ على عكاز مفتول تستوقف ذلك القائد الذي يدب الرعب في قلوب الروم عند سماع اسمه، وهو يقف ويستمع لها بكل تواضع… لن أسترسل في سرد هذه القصة فما أريد الإشارة إليه هو أن هذه المواقف لم تكن من فضائل عمر كما تسمونها ويسميها من يمجدون الخلافة والدولة الإسلامية، بل كانت من أساسيات صفات القائد أن يستمع لعامة الرعية ويرى نفسه مسؤولا عنهم ربما مقارنة بهذا الزمن، فهذا يعتبر من فضائل الزعيم وربما يدفع الناس إلى عبادته حيث إن الحاكم يتعدى عن كونه رئيسا إلى العصمة من الخطأ والنبوة في بعض الأحيان، بل وربما يتعدى كونه بشرا.

أليس حريا عدم فصل الحاكم عن الشعب، حيث إن الحاكم يمارس حياته وكأنه يعيش في المريخ والعصافير تزقزق ولا شيء يستطيع أن يعكر صفو إقامته في ذلك القصر الجمهوري، بينما الشعب يعيش الويلات من فقر وبطالة وانهيار في القطاعات، قد يكون ما يراه الحكام هو ما تعيشه عائلته المبجلة وما تقتنيه حاشيته من سيارات فارهة وقصور مشيدة، وبذلك يكون قد اطمأن على الشعب عامة.

بالمقابل ما يعيشه أفراد الشعب من ظلم و قهر وفقر ويقابلونه بالسكوت خوفا أو جزعا أتساءل! لم يرضى الشعب بالذل مقابل الأمان المزعوم؟ أليس العيش تحت ظل سيوف الحكام والخوف حتى من نطق اسمه من دون ذكر "السيد الرئيس" حري أن لا يسمى عيشا بل هو الموت بعينه! لماذا يصر البعض على العيش ذلا تحت راية هؤلاء الحكام عندما رأوا بصيص الحرية يسطع من الشارع المجاور، هل هو الخوف من التغيير أم الخوف من الحرية أم حب العيش تحت العبودية؟

 إن لم يكن المسؤولون هم من يقع على عاتقهم الارتقاء بالمستوى المعيشي للشعب من المسؤول؟!

إلى متى سوف نظل نشيد بعمر وأبي بكر وعهد ابن عبد العزيز وهارون الرشيد! ما الذي سوف نقدمه نحن لهذا العالم؟ هل تاريخ الخلفاء يفيد غير أننا كنا يوما ما أمة تهابها الأمم بينما نحن الآن نعيش زمن العبودية من جديد.. ليس استعباد رجل لرجل بل استعباد دول لدويلات!

التغيير يبدأ بالتخلص من أفراد لا يجيدون سوى الإدانة بأشدِّ العبارات لما يحدث واستبدالهم بأشخاص يدينون بأفعالهم لا بأقوالهم، متى سنخرج عمر وأبا بكر من الكتب وجعلهم واقعا حيا يسطر من جديد! ما الذي ينقصنا سوى بعض الشجاعة في قول لا حين يجب أن نقولها فالإرادة دائما بيد الشعب.

رغم كل ما سبق ترى الإعلام لا يجيد سوى الترقيع خلف زلات المسؤولين وأن المسؤول غير مسؤول عن الويلات التي يعيشها الشعب وأن الرئيس ليس بـ"سوبر مان" لكي يحل مشاكل الفقر والبطالة وضعف الاقتصاد والهجرة وأمور أخرى، ويبقى السؤال إن لم يكن المسؤولون هم من يقع على عاتقهم الارتقاء بالمستوى المعيشي للشعب من المسؤول؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.