انفجار الكنيسة بالأمس أمرٌ فاجِع لا يرتضيه بشرٌ يحمل من معاني الإنسانية أدناها، قتلُ الجنود بسيناء إرهابٌ يَجِب أن يُحارَب وسفكٌ لدماء أبرياء بغير حق. أشعرُ بتبلُّد المشاعر، اعتدتُ قائمة القتلى وخبرَ التفجير واعتقال إخوتي. "الإخوان هم من فعلوا ذلك -كل شيء سيء- بالتأكيد. هكذا تتردد ألسنة بعض الناس وكذلك يُنافي البعضُ الآخر بقولِهم في تحليل المشاهد وفقاً لفكرٍ، لانتماءٍ، لعقيدةٍ، لهوى القلب، ولَربما لاتباعٍ في القول على غير عِلمٍ ولا هُدى مبين.
على الساحةِ يُبرِز زعيمنا -القاتل- بين الفينة والأخرى قوانيناً عشوائية تحت عنوان "محاربة الإرهاب"، هذا الاسم الرائج ذو البريق اللامع في خِطابه "كالعادة" |
المؤلم أنّ الحديثَ أراه سهلا يسيراً على ألسنةِ أولئك وبخاصة أصحاب النمط الأخير في محاكاة النطق بالحُكم من زعيمِ السطوة والبطش، ولساني ما يَزالُ في انعقادِه على دأب، ليس خوفاً أيضا مِن ذا الجائرِ وإنما كما ألمحتُ أنه خوف من ذا الحُكم في شأن الدماء أو من جهةٍ أدَقّ هو الخوف من التعليق على حدثٍ مُخضَّبٍ بالدماء. الأكثر إيلاماً أن معظم الأحداث لا نَشهدها حقيقةً كي نُصدِرَ أحكاماً دامغة قاطعة. لا أُقصِرُ قولي على انفجار الكنيسة وإنما الجَديرُ هو الجَمع بين حلقات مسلسل التعريف بالفتنة الذي لم يكتمِل بعد.
على الساحةِ يُبرِز زعيمنا -القاتل- بين الفينة والأخرى قوانيناً عشوائية تحت عنوان "محاربة الإرهاب"، هذا الاسم الرائج ذو البريق اللامع في خِطابه "كالعادة". أظن أنَّ أولى الخطوات التي ينبغي أن يتخذها هي أن يزجَّ بنفسه في زنرانة الانفراد. أخالُها أولى خطوات التصدي للإرهاب! صحيح! ربما يكون للبعض رأيٌ آخر "فئة المحاكاة في الغالب". هنا يأتي دور الإعلامِ العظيم، صاحب اليد اليُمنى في التسويق لبراعة السيسي في إسكات الشعب -شعبه هوـ، والشعلة الكبرى لإيقادِ حربِ الجِدال بواسطة بعض البرامج والأخبار ومحترفي فتنة النقاش. وهنا أيضا لا تنطفئ نار مَن ذاقوا مرارةَ الفقد من المسلمين والنصارى. وهنا.. حيث الفتنة، يقف ذو السير الرشيد تائهاً.
لا انحيازَ في قولِنا إن أولاء أهل ذمة ولا يَحِقّ لأحدٍ أن يُبيحَ دماءهم بغيرِ حقّ، وإن لهم علينا أن يَسلموا في ديارِنا ما داموا فينا بخير، بل إنّ لا فرار من قولِ هذا. النائبة الأخرى في دواخل الأحداث -ما خلف الستارـ، في غيبيات الفتنة التي هي فتيل الإضرام. الفتنة! وما أدراكَ ما هي! ولَإن دَريتُ لأخبرتُك في مقالتي تلك، ولكنْ هي الأيام تُخبِرُنا؛ تزيد في حدِّها لَفظةَ الألمِ الجَديد ـأو الرعب الجديدـ حتى تَصيرَ في العُرفِ العامِ أنها قصة الموت الجديد. يقولون هي الفتنة، وما أحسبُهم أنْ قد رأوها بَعد.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.