شعار قسم مدونات

لماذا نكتب إذا كان المتلقي يحمل ألف قناع!

blogs - writer

إلى الكتاب والأدباء والمثقفين عامة أقول: ما هم أن نكتب إذا كان المتلقي يحمل ألف قناع

يا أيها الكتاب والأدباء! ويا أيها المثقفون! أنتم من المفروض ضمير الشعب، والمدافعين أبدا عن حريته، المتحسسين أبدا لأوجاعه ومشاكله. أنتم صوته الدائم في الدفاع عن الديمقراطية والحرية.. أكيد أن المثقفين يجب أن يكونوا طليعة من يدافعون عن الذين اقتفوا آثارهم.. فعلى نهجكم سرنا، وفي مدارسكم تربينا، وشببنا على الطوق.

 

ولكن لماذا تركتمونا نصرخ وحدنا من اجل كسرة خبز؟ نكتب ولا آذان تصغي إلينا؟ وكأننا نمارس جنوننا في حلبة "الكوريدا"؟.. ها هو ذا قميصنا يلتصق بجلدنا والأنفاس تضيق.

 

إن سلوكي وانطلاقا من تربيتي مجرد وجهة نظر قد تكون عنيفة لكنها في الأصل رغبة صادقة تنطلق من رؤيتي التي قد تدرك أن كل سطح هادئ لا بد من إلقاء حصاة فيه لإثارة تموجه وإقلاق ركوده

بربكم لماذا علمتمونا عشق الحرف المطلق للمرة الألف، وانسحبتم تبحثون عن الذات في مرآة مكسرة قائلين: "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل" فشكرا لكل من رمونا في اليم مكتوفي الأيدي وقالوا لنا إياكم أن تبتلوا بالماء! إلى هؤلاء نقول: "ما أضيق الأمل لولا فسحة العيش".

 

وإلى المتلقين الذين يبصمون على التفاهات لأشياء في نفس يعقوب، وبالمقابل أصبحنا نرى في وجوهكم وخلفياتكم كل التوائم تحمل في طياتها تنازلا بشكل ما.. ونعمق النظر في ذات التوأم حين يخبط خبط عشواء بين أيديكم بين الصغير والكبير: بين ضعيف وقوي يتوضح لنا بجلاء التنازل بشكله الحقيقي: اقتطاع من الصغير الضعيف لكسب يضاف إلى الكبير القوي؛ والمعادلة تبقى أبدا: ترى من منا في الحقيقة القوي ومن الضعيف ومن الصغير ومن الكبير؟ ولهذا أعلنها هذيانا وأنا اردد بأسى: لا يجب أن تكون الراحة والسكون حتى لا نضع أوراق الشجر الزاهية بأيدينا لتغطي فوهة البئر وتبدو الطريق ممهدة..

 

مع الأسف الشديد وأنا أمارس الكتابة معتقدا أنني فعلا أمثل المثقف بشكل من الأشكال، اكتشفت في الأخير أن إلحاحي ونزوعي إلى الاشتباك والتشابك مع مفترضين ليس بالضرورة ميلا متأصلا في إلى نحو العدوانية، ولا هو بالضرورة رغبة دموية كما يعتقد البعض والله اعلم رغبة دموية للانقضاض والتجريح..

 

إن سلوكي وانطلاقا من تربيتي مجرد وجهة نظر قد تكون عنيفة لكنها في الأصل رغبة صادقة تنطلق من رؤيتي التي قد تدرك أن كل سطح هادئ لا بد من إلقاء حصاة فيه لإثارة تموجه وإقلاق ركوده.. ومن شدة حرصي على هذا اعتقد في كثير من الأحيان أن من شدة حرصي اكنس أوراق الشجر النائمة في الطرقات؛ انفضها حتى لا تتكوم وتخفي عني وعن عشاق الثقافة فوهات الآبار البركانية: الافخاخ التي تهددنا بالزلل والسقوط والتلاشي.. فهلا غفرتم قسوتي عني وعنكم عبر كتاباتي؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.