شعار قسم مدونات

لماذا لا يبدع الشباب العربي في وطنه؟

blogs - young man in Aleppo
لا تلوموا من يبدع في الاغتراب، بينما في وطنه يضيع في أحلامه.. لكل شيء في هذه الدنيا وجهان، الحرب إحدى هذه الأشياء، رأينا من وجهها الأسود الكثير، من ظلم وقتل وتشريد وموت وعطش وتدمير، ولكن وجهها الآخر كشف لنا عن كنوز كانت مختبئة، أو بالأحرى كانت تحاول العوم في مستنقع لا سبيل فيه إلا أن تكون بالقاع.
 

أتلقّى أخبار العرب الذين يبدعون في الاغتراب بشعور كبير بالفرحة والفخر، لكن أيضاً بشعور من الألم، فهؤلاء كان حريٌّ بهم أن يبدعوا في أوطانهم، لكن هل نلومهم؟ هل قدّمت لهم أوطانهم أنصاف الفرص التي قُدّمت لهم في الاغتراب؟ هل دعمتهم أوطانهم نصف الدعم الذي تلقّوه في الغربة؟
 

هؤلاء الشباب هم طاقة الأمة، ومن أراد العبث في هذه الأمة، عليه بشبابها، إن استطاع أن يجعلهم يلهثون وراء أساسيات الحياة من طعام وشراب ومسكن، فقد استطاع أن يضيّع هذه الأمة وهذا ما حصل.
 

يكبر الشاب فينا في صراعٍ بين أحلامه وبين الواقع، يريد أن يصنع شيئاً يغير فيه وجه العالم، ولكنه يرى نفسه في صراعٍ بين أن يجد لقمة يأكل منها ومسكن يستره في آخر الليل، أو بين أن يجعل تفكيره وانشغاله في مجالات يتطور فيها ويبدع.
 

آن الأوان لكي يُعطى الشباب فرصة في أوطانهم، هذا الجيل الجديد الذي نشأ في وقت يعيش فيه العالم ثورة تقنية كبيرة، هذا الجيل الذي يمكنه الآن إن أعددناه جيّداً بعيداً عن الشعارات أن يكون أملاُ لنا لننهض من جديد، أو على أمّتنا السلام

الغرب اختلف عنا في نقطة واحدة فقط، آمنوا بأن الثروة الأكبر لهم في أوطانهم هي الشعوب، خاصة الشباب، فوقفوا خلفهم ودعموهم ووفّروا لهم كل شيء لا لكي ينجحوا فقط، لا، وإنما لكي يقفوا مجدداً بعد كل محاولة فاشلة يتعرضون لها.. بينما نحن اليوم تتفنّن أوطاننا في إيجاد السبل لتقول لمن بقي فيها، الحق بالبقية، أو عليك أن تعيش مواطناً عاديّاً هنا.
 

نتشدّق بالمشاهير الذي ينتمون إلى أصول عربية ونفتخر بهم، لا بأس في ذلك، فلعلم يكونون واجهة مشرقة لنا في الخارج، لكن في الوقت نفسه علينا أن نسأل أنفسنا، ما كان مصير هؤلاء العباقرة لو كانوا ما يزالون في بلدانهم، نعم البعض استطاع النجاح في وطنه لا يمكننا أن ننكر ذلك، لكن عددهم قليلٌ جدّاً، آن الأوان لكي يُعطى الشباب فرصة في أوطانهم، هذا الجيل الجديد الذي نشأ في وقت يعيش فيه العالم ثورة تقنية كبيرة، هذا الجيل الذي يمكنه الآن إن أعددناه جيّداً بعيداً عن الشعارات أن يكون أملاُ لنا لننهض من جديد، أو على أمّتنا السلام.
 

سنوات طويلة ونحن نستنزف شبابنا في حروب ومواجهات لم يدفع أحد ثمنها كما دفعناها نحن وشبابنا، وليتنا حققنا شيئاً في المقابل، على العكس، خسرنا المزيد وخسرنا الشباب.
 

إذا أردت أن تعرف مستقبل أي أمة فلا تسأل عن اقتصادها أو قوتها العسكرية، بل انظر إلى شبابها واهتماماته.

لا تلوموا من لمع نجمه في سماء الغربة، فما ذنبه إن كانت سماء وطنه سوداء لا يلمع فيها إلا الدم والتفرقة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.