شعار قسم مدونات

المرأة والشعارات الخاوية

blogs - ضد العنف
هل أصبح لزاما أن نجعل لكل شيء يوما؟! نوشك على أن يصبح لكل شيء في حياتنا يوما عالميا كان أو عربيا، يوم كذا وعيد كذا، ربما لا تشعر بقيمتها لكثرتها، إن مسألة المرأة وماهيتها ومكانتها وأيدولجيتها، من القضايا مثار الاهتمام والاختلاف أيضا علي مدار التاريخ، فإن نقبت التاريخ مثلا بمختلف حضاراته تجد أن للمرأة وضعا مختلفا في كل منها، وإنه من المؤسف أن تختزل المرأة في يوم عابر لا يكترث له الكثير.

إنه لمن الحماقة أن يدور الصراع بين مختلف التيارات على أن المرأة جسد يريد البعض تغطيته ويأبى الآخر إلا أن يجرده، وكأنها بضاعة مزجاة يتصرف فيها مالكها حسبما يشاء، البعض يحجبها من أبسط حقوقها وكأنها مسلوبة الإرادة والعقل، والبعض جردها من كل شيء حتى من حيائها، وسقطت هي هاوية في مستنقع التبعية والجهل إلى أن يصدر العقل أمرا آخر.

وإذا نظرنا مثلا إلى رائد حركة تحرير المرأة قاسم أمين، وقارنت بين رؤيته في التحرير وبين الواقع السيئ الناتج عن الحركة، تعلم تمام العلم لم اعتذر في آخر حياته عن كل شيء، وأن الطريق انحرف كثيرا عن مساره، إن الحرية إذا أهديتها لجاهل أساء استخدامها، ثم أين هي المرأة صاحبة اليوم؟! أهي المرأة الغربية المنفتحة بغير قيود، أم المرأة الشرقية المغلغة بكل القيود، إن المساواة بينها لضرب من العبث.

حري بنا قبل أن نصنع يوما للمرأة، أن نؤهلها علميا وعمليا، أن تتمتع بكامل حقوقها مع مراعاة الجوانب الحياتية والخصائص الفسيولوجية، علينا أن نفتح قنوات المعرفة في عقولنا لنستطيع أن نميز بين الصواب والخطأ، وإني أتساءل هل وضع المرأة الشرقية اليوم يحتاج ليوم كهذا؟ أم أنها بحاجة إلى ما هو أعمق وأكبر، إننا جميعا بلا استثناء نحتاج لما هو أهم، نحتاج المعرفة والعلم.
 
وكتبت يوما مقالا بعنوان المرأة المسلمة بين الإفراط والتفريط، لبيان الصراع النفسي للمرأة بين واقعها وما تأمل إليه، وما السبل الى ذلك، ثم ماذا أضاف هذا اليوم أو غيره لحال المرأة، هو فقط نتاج اتجاهات سياسية ولأغراض سياسية بحتة في المرتبة الأولى، ثم من المسؤول عن ذلك الصراع، هل المرأة وحدها أم أن القضية مشتركة.

المرأة هي الحب الكامن في قلوب الرجال، عليها يقتتلون ويتخاصمون، ويسعون لرضاها، هي الدافع لكل شيء حين تشعر بالعجز، هي الأم وقف هنا برهة واخفض الجناح وغض الطرف ولا تقل أف.

وإذا كان هذا يوما عالميا لجهود المرأة، فهناك مثلا في الإسلام من تستحق ألف ألف يوم، فمثلا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كانت مرجعا للصحابة في المسائل العلمية وكانت من المكثرين لرواية الحديث، مرورا بالخنساء تماضر، وما أدراك ما الخنساء وشعرها وجلدها وجهادها، إنك لتقف عاجزا أن تجد وصفا جامعا لأمثال هؤلاء، وغيرهم: 

فلو جاز حكمي في العالمين وقسمت أسماءهم للورى .. لسميت بعض النساء الرجال وسميت بعض الرجال النسا
لا يزال كثير منا ينظر للمرأة على أنها آداة لقضاء وطر شهواني فقط، لا سبيل إليها إلا هو، إن الجهل القاتم على صدورنا والخانق لعقولنا هو سبب كل تخلف يصيبنا.. إن المرأة نصف المجتمع وهي التي تربي النصف الآخر، فإذا كانت خاوية الفكر والعلم فماذا تنتظر من نتاجها، وإن تشهير القضية على أنها خصمية بين الرجل والمرأة لشيء مزري ينبئ بالتمزق المجتمعي، ودخولا في عمليات المد والجزر اللامتناهية.
وتختزل الدعايات على المطالبة في المساواة بين الرجل والمرأة، وكيف ذلك وهناك فروق فطرية وفسيولوجية وعضوية بينهما، فكل منها خلق لعمل لا يقوى عليه الآخر، بهما يكتمل البناء لا بأحدهما.. فأي مساواة يريدون؟! ثم انظر إلى حال المرأة عبر التاريخ وحالها في شريعة الإسلام، وانظر بعين العقل والإنصاف لترى من يحرر المرأة، هل مثل هذه الأيام والشعارات الجوفاء، أم الفهم الصحيح لشريعة السماء والأخذ بسبل التقدم والرقي على المستوي العقلي والخلقي والمعرفي… لن يتغير الواقع الأليم، من عنف وقهر ضد المرأة بشعارات سياسية بحتة.

 ثم ما هي المرأة؟ هي البنت التي لو أحسنت تربيتها وتعليمها أخذت بيدك للجنة، وهي الأخت التي كانت سندك طيلة الوقت ولم تشعر بها إلا حين ابتعدت، هي الزوجة التي تسكن إليها من منغصات الحياة، وتعطيك ملمسا وأملا في الحياة، هي الحب الكامن في قلوب الرجال، عليها يقتتلون ويتخاصمون، ويسعون لرضاها، هي الدافع لكل شيء حين تشعر بالعجز، هي الأم وقف هنا برهة واخفض الجناح وغض الطرف ولا تقل أف، الجنة عند قدميها ورضا خالقك في رضاها، هي التي بغير دعاها ما وصلت لما أنت عليه، هي الحنان والدفء والأمان هي …وهي …وهي.. حدث ولا حرج، فإذا كانت تلك هي المرأة في مختلف أطوارها، فهلا عرفنا قدرها
وختاما: تحية لتلك الروح التي لصوتها حنين كفيل أن يمحو الألم بداخلي، فكل العمر لها أمي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.