شعار قسم مدونات

"ناقصاتُ عقلٍ ودين" مدح ٌأم ذم؟

blogs- مسلمة

سؤالٌ كان لا بدّ من التفكّر في إجابته في ظلّ ما نواجهه اليوم من غزو ثقافيّ تاه معه كثير منَ الناس عن الفَهم الصحيح لمعنى هذا النصَ النبوي الشريف الذي تداوله العامَة بفهم مغلوط، وطريقة قد تمسُّ بحقائق ديننا الإسلامي الحنيف! ولعل الأمر أجلى وأوضح من هذا كله لو أننا لم نجتزء ما يحلو لنا من السنة المطهرة والقرآن الكريم، ونتناوله دونَ وعي منا لمعانيه الرفيعة..

 

ففي الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخُدريّ رضي الله عنه قال: خرجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلّى، فمر على النساء، فقال: «يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار» فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: «تكثرن اللعنَ، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للُبّ الرجل الحازم من إحداكن»، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل» قلن: بلى، قال: «فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم» قلن: بلى، قال: «فذلك من نقصان دينها». أخرجه البخاري في صحيحه برقم (304).

 

إذا كانت المرأة بحالتها تلك من النقص الموصوف تسلب لبّ الرجل الحازم على الرغم من ضعفها الفطري.. أفلا تكون العاطفة في حقها حينذاك كمالًا وقوة؟!

من الجميل أن ندرك أن لكلا الطرفين: الرجل والمرأة حالة عقل وحالة عاطفة، وهذا لا ذمّ فيه من حيث هو لأي طرف منهما، فالعاطفة عند المرأة تعد كمالًا في غالب الأحيان خلافًا للرجل. كما يعد العقل عند الرجل الميزان الراجح في غالب أحواله خلافًا للمرأة. وفي كثير من الأحوال تغلب عاطفة المرأة عقلها ويكون ذلك أمرًا محمودًا في حقها، بل ربما كانت هي الحالة المثلى لها بحكم موقعها من التكوين الاجتماعي الأُسَري.

 

وإذا أمعنا التأمل في النصّ النبوي الشريف وجدنا أن فيه من اللطافة والتحبّب من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيه، فمعنى نقصان دين المرأة: أن تكاليف الدين بالنسبة لها أقل من تكاليف الرجل بسبب ما يعتريها من أحوال جسمية طبيعية، ولا يعني نقص تكاليفها نقص تدينها، كما لا يعني ذلك نقص ثوابها.

 

أما نقص عقلها: فليس القصد منه افتقادها للحكمة والفكر الصحيح، فالحديث يردُّ ذلك النقص إلى الشهادة المالية، إذ لا يعتدُ فيها بشهادة امرأة واحدة بخلاف الرجل الذي هو أقدر على الضبط والفهم في تلك الحالة، وقد يعود ذلك إلى طبيعة مهمات المرأة الحياتية التي تبعدها عن الخوض في الأمور المالية والتجارات، كما أن الرجل أبعد ما يكون عن الأمور التي تتولاها النساء، بل ربما لا تقبل شهادة الرجال فيها أحيانًا!

 

فمهمة المرأة الأساسية تكون بذلك مهمة عاطفية، وعقلها في مهمتها عقل كامل، فكأن مهمتها تكمن في كمال عاطفتها. ولو قدّرنا أن حالة العقل عند المرأة انتصرت على حالة العاطفة لَما قامت امرأة بما تقوم به مع أبنائها أو زوجها مثلًا، ولمَا وجدنا للمرأة قوة فريدة مؤثرة تظهر في عنفوان حنانها وفيضان أنوثتها!! فإذا كانت بحالتها تلك من النقص الموصوف تسلب لبّ الرجل الحازم على الرغم من ضعفها الفطري.. أفلا تكون العاطفة في حقها حينذاك كمالًا وقوة؟!

 

ويا لجرير حين قال: 

إن العيونَ التي في طرفها حورٌ قَتَلنَنا ثمّ لم يُحيينَ قتلانا

يَصرعنَ ذا اللبّ حتى لا حِراكَ به وهنّ أضعفُ خلقِ الله أركانا!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.