شعار قسم مدونات

هل ما زالت الأحزاب الاسلامية إسلامية

blogs-islamist

إن جل الحركات السياسة التي تعتبر الاسلام مرجعية لها في عملها السياسي تعاني في الوقت الراهن من مشاكل في هويتها البنيوية، يتجلى ذلك في محاولاتها المستميتة لنفي أي تعارض بين مرجعيتها الإسلامية والنظم الديمقراطية الحديثة التي يتبناها الغرب عموماً، فهي من جهة تحاول أن لا تتخلى عن حلمها في تطبيق الشريعة حسب مفهومها التقليدي، ومن جهة أخرى تريد أن تخوض غمار السياسة حسب القواعد الديمقراطية الحديثة التي تعتبرها السبيل الوحيد القادر على إيصالها الى سدة الحكم.
 

وأفضل مثال على هذا الطرح هو ما تعانيه جماعة الإخوان المسلمين والحركات المتفرعة عنها في العالم الإسلامي مثل حرب العدالة والتنمية في تركيا وحزب النهضة في تونس أو حتى الأحزاب ذات المرجعية الإخوانية في الجزائر والمغرب من عدم اتساق خطاباتها وفشلها في تكوين رؤية واضحة لمشروعها الفكري والسياسي المنطلق من مبدأ تطبيق مفاهيم الإسلام في الحياة اليومية للأفراد والمجتمعات بما لا يتنافى مع النظم الديمقراطية الحديثة.
 

في خضم كل هذا، نتج عن عدم وضوح الرؤية داخل هذه الحركات عدة مشاكل أهمها:

التجارب قصيرة المدى التي خاضتها هذه الأحزاب في الحكم في مختلف البلدان العربية أفرز قناعة راسخة لنخبهم بضرورة مراجعة منظومة الأفكار والقناعات التي تشكل مشروعها الفكري.

– اختلاف الرؤى بين هذه الحركات ذات المرجعية المشتركة حسب القطر التي تعيش فيه، فمثلاً ما يعتبره إخوان الجزائر من المحظورات يمكن أن يكون عند إخوان تركيا أمراً عادياً يدخل ضمن المشروع الإسلامي لها في تركيا مثل احترام القيم العلمانية وسن بعض القوانين التي تتعارض مع الشريعة.
 

– ضعف قوة الإقناع لدى هذه الحركات في جلب المزيد من المناصرين وذلك لأن بعض الممارسات السياسية لهذه الحركات تتعارض مع المرجعية التي تتبناها، الشيء الذي يجعلها لا تختلف كثيراً عن باقي الحركات السياسية المنافسة لها.
 

– عدم وجود خطة متكاملة للحكم بجعل هذه الأحزاب حبيسة فكر المعارضة وبمجرد وصولها الى سدة الحكم يشوبها نوع من الارتباك السياسي ذلك لأنها لم تتعود على ممارسة الحكم ولم تكون منظومة فكرية متكاملة صالحة للتموقع في المعارضة والحكم.
 

– بعض الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بمجرد أن تصل إلى سدة الحكم (وهي في الحقيقة تصل إلى الحكومة وليس إلى الحكم) تبدأ في التماهي مع نظام الحكم الذي طالما عارضته بشدة، ويصبح المواطن البسيط لا يفرق بين هذه الأحزاب والأحزاب الأخرى ذات المرجعيات الليبيرالية.
 

إن التجارب قصيرة المدى التي خاضتها هذه الحركات والأحزاب في الحكم في مختلف البلدان العربية مثل مصر وتونس والمغرب أفرز قناعة راسخة لنخب هذه الحركات (وخاصة الشباب منهم) بضرورة مراجعة منظومة الأفكار والقناعات التي تشكل مشروعها الفكري بشكل يضمن عدم المساس بجوهر الأهداف المسطرة مع ضرورة إيجاد الاستراتيجيّات الكفيلة بتحقيق هذه الأهداف في واقع متغير باستمرار ويحمل في طياته الكثير من التحديات والمصاعب المتجددة.

إن كل ما سبق يجعلنا نتساءل عن قدرة هذه التيارات على تمثيل الإسلام بمفهومه العام والمتمثل في كونه نظام متكامل يسير حياة الناس في كل الجوانب السياسة والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.