شعار قسم مدونات

قُلْ سُبحان اللَّه

blogs - facebook
امرأة تلد فتاةً بذيْل، اكتب سبحان الله وإلا فالويْلُ لك كل الويْل، شجرة أغصانها على شكل آية قرآنية، اكتب سبحان الله وإلا طُردتٓ من الرحمة الإلهية، سمكة تقرأ سورة الفٓلٓقْ، اكتب تبارك الله فيما خٓلٓقْ، بطيخة مكتوبٌ عليها لا حول ولا قوة إلا بالله، اقسم بربك أن لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله، الطفل المعجزة يتلو رغم صغره سورة البقرة، قُل سبحان الله إذ أنطقٓ طفلاً عمره شهرا. رجلٌ يحرق نفسه ويخرج سالماً، وسيدة صيرّت غبار منزلها خاتماً، وطفلة على جبينها كلمة الله، وطاووسٌ زينّت كلمة محمد ريشه فما أحلاه، وكلبٌ يتحدث الفصحى بطلاقة، وفيلٌ يسير مثل الإنسان على قدمين بكل رشاقة، وحدّث ولا حٓرٓجْ عن هذا الغزو الفكري المليء بالقرف، وكيف يستهدفون فيه أمة غارقة في وحلِ الجهل والخٓرٓفْ..!
 
انعدام الوعي والثقافة لدى المرء يجعله ضحية سهلة لكل ما يتم الترويج له من أوهام! والفراغ الذي يفتك بصاحبه يضعه في دوامة الضياع والبحث عن أي شيء يملأ به وقته.

لا أعتب على المروجّين لهذا النوع من الفيديوهات والصور والخزعبلات الغبية، بل إني أشفق على من يتفاعل مع هذه الخرافات ويترك تعليقاً كله دهشة وإيمان شديد بعجائب قدرة الله! المتصفّح لبعض منشورات صفحات الفيس بوك وتوتير وانستغرام سيجدُ كمّاً هائلاً من السذاجة والتلاعب بعقول المتابعين، ومما يزيد الأمر سوءاً أن يرفق من ينشر هذه النوعية من المنشورات السخيفة الصورة أو الفيديو بعبارات غريبة مثل فليمحق الله روحك إن لم تترك تعليقاً، فليأخذ الله أولادك إن لم تسجّل إعجابك، فليصيبك مرض السرطان إن لم تشارك الصورة مع أصحابك! وغيرها من العبارات السيئة التي تصيبنا بالاشمئزاز وتستفز المشاعر والعقول البشرية.

من أهم الحملات التوعوية التي ساهمت في محاربة هذا النوع من الآفات الإلكترونية حملة "فتبينوا" والتي رفعت شعار "لأن الإسلام ليس بحاجة إلى الخرافات"، ليختصر فريق عمل هذه الحملة المميزة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك فكرته وأهدافه الخلاّقة، والتي حرص من خلالها على كشف ومحاربة كل الخرافات والافتراءات التي تنسب للدين الإسلامي، وبما أن مثل هذهه الخزعبلات ملأت مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقلها الجمهور المسلم دون التحقق والتثبت، مما حدا بمطلقي الحملة بالعمل على إيصال الحقيقة لأكبر شريحة ممكنة، وتصحيح كل ما ينسب عمدا أو دون قصد للدين الإسلامي الحنيف.

وتعد حملة "فتبينوا" حملة ثقافية توعوية تقودها مجموعة من الشباب المسلم من مختلف الدول، جمعهم هدف ورسالة واحدة، وحققت نجاحاً باهراً وتفاعلاً كبيراً من الجمهور العربي، حيث ذكر مؤسس الحملة ومقدم البرنامج معاذ الظاهر أنه يردد دائماً عبارة الدكتور مصطفى محمود: ( لن تكون متديناً إلا بالعلم، فالله لا يُعبٓد بالجهل). وعلى الرغم من وجود هذه الحملات والبرامج الدينية التي تحذّر الناس من سوء التعاطي مع هذه الخزعبلات، إلا أننا لا زلنا نشاهد الكثير من المتفاعلين مع هذه الأخبار المخادعة، لا بل وتطور الأمر لأن يرسلها لك أحد الأصدقاء عبر الواتس أب ويطلب منك بإلحاح شديد أن تقول سبحان الله وتدعو للمرسِل الذي تكرّم عليك بإرسالها إليك، وحتى لو حاولت أن تشرح له الأمر وتطلب منه عدم تصديق مثل هذه الأشياء ستتفاجأ بأنه أعاد إرسالها لك مرة أخرى!

فكّر بكل معلومة تصلُ إليك، ابحث عنها في جوجل الذي بين يديك، ولا تفكّر أنّٓ كل ما ينشره الآخرون له أهدافٌ سامية، ولا تكن الأداة التي يستخدمها الغير لتحقيق مكاسب غالية.

انعدام الوعي والثقافة لدى المرء يجعله ضحية سهلة لكل ما يتم الترويج له من أوهام! والفراغ الذي يفتك بصاحبه يضعه في دوامة الضياع والبحث عن أي شيء يملأ به وقته حتى لو كان بكتابة الكثير من التعليقات غير المدروسة وتسجيل الإعجابات بالمنشورات المدسوسة، وبما أن السيطرة على أصحاب هذه الصفحات والحسابات الإلكترونية يبدو مستحيلاً؛ فيجبُ علينا أن نسيطر نحن على أنفسنا ونرفض الاندماج مع هذا العالم غير المثقف الذي يفقدنا هويتنا الفكرية ونحاول الانخراط في المجتمعات الإلكترونية الهادفة البناءة التي تُسهم في تقدم الإنسان واستغلاله للفضاء الإلكتروني بصورة إيجابية ناجعة، ولا بد أيضاً من تبليغ إدارة مواقع التواصل الاجتماعية عن كل صفحة هابطة، الغاية عندها تبرر الوسيلة، وجدت من المنشورات المحركّة للعواطف الإنسانية أفصل طريقةٍ للتسويق لأفكارها الخبيثة بأسهلِ حيلة.

فكّر كثيراً قبل أن تترك تعليقاً على منشورٍ سخيف، فكّر مطولاً قبل أن تشارك أهلك بفيديو لا مصداقية له ولا واقعية وترعبهم بمحتواه المخيف، فكّر مليّاً قبل أن ترسل صورة مزيفّة مبرمجة بالفوتوشوب، وتطلب من الغير أن يقولوا سبحان الله بكل قناعةٍ وحب، فكّر بكل ما تشاهده وتسمعه ولا تكن مستقبلاً مغفلاً، ولا تسمح لأحدٍ بجذبك لمنشوراته لتضع بصمتك على سطوره وتترك أثراً، فكّر بكل معلومة تصلُ إليك، ابحث عنها في جوجل الذي بين يديك، ولا تفكّر أنّٓ كل ما ينشره الآخرون له أهدافٌ سامية، ولا تكن الأداة التي يستخدمها الغير لتحقيق مكاسب غالية، ولا تنس أن لا تخرج من مدونتي هذه إلا بعدما تقول ما شاء الله!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.