شعار قسم مدونات

مازن فقهاء.. اغتيال في عاصمة المقاومة

blogs - مازن فقهاء
تلقت غزة في ليلة الجمعة، الرابع والعشرين من شهر مارس الخبر الفاجعة باغتيال قائد حمساوي جديد وعنصر مهم من عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام بعد أشهر قليلة من اغتيال المهندس التونسي الشهيد محمد الزواري في مدينة صفاقس بتونس.

لم يكن مازن وجها إعلاميا معروفا للجميع لكنه حسبما يقول الإعلام العبري يعتبر عنصرا مهما في شبكة ضيقة جدا تدير عديد العمليات في انتفاضة القدس. فتحي حماد من غزة وصالح العاروري من الخارج وعبد الرحمن غنيمات ومازن فقهاء المبعدين إلى غزة من الضفة الغربية بالإضافة لقيادة الصف الأول للقسام كانوا وما زالوا أسماء تتردد على الساحة العبرية متهمين بذات التهمة في كل مرة.

إعلان حماس وجناحها العسكري كتائب القسام لاتهامها الاحتلال بتنفيذ الاغتيال يجعل الأمر أكثر تعقيدا، الرسائل التي تحملها هذه العملية والتداعيات المحيطة بها كبيرة جدا وتصبح أكبر كلما اتضحت أطراف الاغتيال أمام العلن. على صعيد القرار المتخذ بتنفيذ العملية، فإنه إعلان رسمي بالتحدي للمقاومة في غزة وذلك بتصفية رمز من الرموز التي من المفترض أنها في مواقع مؤثرة، في أكثر الأماكن أمنا بالنسبة لها وهي "عاصمة المقاومة" غزة.

أما على صعيد أسلوب التنفيذ، فاستخدام الاحتلال لعملاء مأجورين (أو قوة متسللة) لتنفيذ العملية يعتبر تطورا على الصعيد الميداني لعمليات الاغتيال ربما لم تحسب المقاومة حسابا لأن يتم تنفيذ هكذا عمليات في عقر دارها وبصمت مطبق من ناحية التسلل والترصد والتنفيذ والانسحاب بأمان، ما يشكل تحديا صارخا لقدرة حماس الأمنية سواءً على صعيد التنبؤ بالعملية أو على كشف ملابساتها وإيقاف تبعاتها.

على المقاومة أن ترد بأسلوب نوعي يوازي حجم الاغتيال سواءً باغتيال مشابه، أو بعمليات نوعية في المكان الذي تم إغتيال مازن بسببه، أي الضفة الغربية.

أما على صعيد ردود الفعل، فهو تحدي جدي لقدرة المقاومة على الموازنة الحقيقية بين نقاط القوة التي بالكاد تمتلكها ونقاط الضعف التي تضغط على كاهلها، وبين الفرص الضئيلة لتحقيق اختراقا عمليا في الساحة العسكرية وبين التحديات العربية والإقليمية المحيطة بغزة اليوم.

من المستبعد أن تتدحرج كرة التوتر والشد بين المقاومة والاحتلال إلى نشوب حرب جديدة، فمن جانب الاحتلال فإنه لو كان يرغب في تصعيد التصعيد الأخير لكان استهدف الشهيد بشكل مباشر سواء بطائرات الاستطلاع أو الطائرات المقاتلة، أو على الأقل وبالحد الأدنى كان بإمكانه أن يتبنى تنفيذ عملية الاغتيال ويتغنى بها علنا.

أما من جانب المقاومة، فالمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام باتت أوعى من أن تعتمد على ردات الفعل الهوجاء، فضربة تل أبيب بعد اغتيال الشهيد الجعبري جاءت في ظروف معينة وفي ظل أجواء محلية وإقليمية تسمح بهكذا رد، أما اغتيال الأمس فهو اغتيال يراد منه كسر عين المقاومة أكثر من التخلص من الشهيد نفسه.

وبناءً على ذلك فإن الرد على هذه العملية لا يمكن أن يكون بفتح جبهة جديدة مع الاحتلال وجر الشارع الفلسطيني ومقاومته إلى حرب استنزاف جديدة قد لا يكون الخاسر الأكبر فيها هو الشعب الفلسطيني، لكنه بالتأكيد لن يكون الرابح الأكبر، إنما على المقاومة أن ترد بأسلوب نوعي يوازي حجم الاغتيال سواءً باغتيال مشابه، أو بعمليات نوعية في المكان الذي تم إغتيال مازن بسببه، أي الضفة الغربية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.