شعار قسم مدونات

التسوية التي تجعل الحوثيين فخا إقليميا

blogs - Yemeni flag
ماذا تريد القوى الدولية التي تقف وراء خارطة الطريق التي يحملها ولد الشيخ (بتعديلاتها الشكلية)؟ وماهي الخطورة الكامنة وراء فرض الحلول السياسية التي تحمل عبارات صريحة وواضحة تعفي الحوثيين من كل ما أحدثوه من خراب ودمار وجرائم حرب ومجازر بحق اليمنيين واليمن، بل وتحجز لهم مقعدا يوازي الشرعية اليمنية والشعب اليمني بجميع قواه على امتداد الخارطة اليمنية.. في ما يلي قراءة ـواقعية وليست خيالية- لمستقبل اليمن والمنطقة، حال فُرِضت على الشرعية اليمنية أيٌ من الحلول الاستسلامية التي يعرضها المبعوث الأممي ولد الشيخ.

يعاني الحوثيون اليوم حالة انهيار لا مثيل لها ولم يعد بمقدورهم الصمود بوجه الشرعية وقوات الجيش الوطني اليمني، ومعظم قوتهم العسكرية تم تدميرها، عن طريق الضربات الجوية للتحالف العربي والمعارك على الأرض، الآلاف ممن تم تدريبهم في إيران ولبنان وكانوا القوة العسكرية التي تمثل العمود الفقري لمليشيا الحوثي تم القضاء عليهم تماما، علاوة على عشرات الآلاف من القتلى والجرحى ممن هم دون أولئك تدريباً واحترافاً، وصارت مليشيا الحوثي أشبه بجسد منهك انتزع منه دماغه المدبّر، و ولم يعد له من حياة سوى بالإنعاش على أسرّة طوارئ الأمم المتحدة.

يعاني المجتمع السُني اليمني من صراع داخلي بين جماعات لا ينظمها مشروع جامع لمواجهة الخطر الصفوي، الذي يستهدف المجتمع اليمني بشكل عام؛ ومن ورائه أرض الحرمين والجزيرة.

لم تنته حروب الدولة ضد الحوثيين منذ العام 2004م إلا وقد امتلك المتمردون الحوثيون ترسانة تسليح خطيرة، وجيشاً مدرباً؛ أشرف على تهيئته، وتدريبه الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني، قدرت كثيرٌ من المصادر قوام القوة المقاتلة المدربة للحوثي بـ35000 ألف مقاتل، معظم القادة فيه تم تدريبهم في الخارج، تلك التقديرات والمعلومات تلقي بجملة من الأسئلة على الطاولة تختصر جميعها في القول: أين تدرب هؤلاء؟ ومتى وكيف سافروا، وعادوا؟ في ظل ادعاء صالح أنه يشن حرباً كبيرة عليهم، ومتى وكيف وصلت لأيديهم تلك الترسانة التسليحية؛ التي رأيناها في وسائل إعلامهم، عبر المناورة على الحدود مع السعودية، عقب سقوط صنعاء مباشرة.


ماذا لو نجح المجتمع الدولي في فرض التسوية السياسة؟

فيما لو فرض المجتمع الدولي تسوية سياسية، سيعمل الحوثيون خلال خمس سنوات لا غير، على مضاعفة نشاطاتهم العسكرية والبنيوية، واستقطاب الشباب والفتية لملتقياته وأنشطته وفعالياته التعبوية، وسيعمل على توسيع دائرة تواجده الطائفي و استقطاباته بمختلف الطرق والمغريات والوسائل، وسيعمل على تشييع المجتمع في المناطق والمحافظات السُّنية ذات الكثافة السكانية العالية لتحويلها إلى بيئات حاضنة، ولن يستطيع أحد إيقافه أو الاعتراض على نشاطاته، كونه يعتمد على اتفاق سياسي يضمن حريته في النشاط والاستقطاب، فيما يعاني المجتمع السُني اليمني من صراع داخلي بين جماعات لا ينظمها مشروع جامع لمواجهة الخطر الصفوي، الذي يستهدف المجتمع اليمني بشكل عام؛ ومن ورائه أرض الحرمين والجزيرة.


حين يتوسع تيار طائفي إرهابي مسلح، وقد أسس لنفسه بيئات حاضنة، ويدعمه تواطؤ دولي كما هو واضح اليوم، فإن خطره على الجزيرة يتعاظم ويتضاعف عما هو موجود اليوم في اليمن، فما تسبب به المتمردون الحوثيون لليمن وللمملكة اليوم من متاعب وقلق، سيتضاعف مئات المرات حال أعطيت للحوثي فرصة للإعداد عبر التسوية السياسية التي ستحوله من متمرد إلى شريك يتحرك في اليمن وفي الخارج على أساس شرعي وقوة معترف بها إقليمياً ودولياً. 


من المؤكد أن الحوثيين سيسعون لامتلاك أسلحة استراتيجية ونوعية من إيران حال حصولهم على تسوية سياسية تضمن لهم ولو بعضاً من النفوذ بعد أن يرفع التحالف العربي الحصار والرقابة المشددة على الساحل اليمني والمنافذ اليمنية، وكما نعلم أن السلاح لايزال يصل للمتمردين الحوثيين رغم الحصار الجوي والبحري عبر منافذ تهريب صعبة للغاية، فما بالك حين يتم رفع الحصار ويترك الحبل على الغارب للحوثيين وحلفائهم الدوليين في المحيط البحري والبري اليمني، ستتضاعف المخاطر، ومهما قدم الأمريكيون من ضمانات كما يقول المثل اليمني: (لن تنفع ياسين بعد كسر الرأس) خاصة أن أجندات إيران وحليفها الحوثي معلنة وواضحة، مثبتة في مناهجهم، وعليها تقوم برامج التوجيه المعنوي، وحلقات الدروس والتربية في كل مستويات وتكوينات الحركة الحوثية.


الخلاصة، إن اليمن والمنطقة بشكل عام لا تحتمل إلا حلا واحداً، هو أن تضطلع الشرعية اليمنية، بمسئوليتها التاريخية، وتبادر إلى تحرير صنعاء، وبقية المحافظات عنوة،

بكل تأكيد استطاعت دول الخليج إفشال محاولات إيران الخبيثة في استخدام الطائفية، داخل بنيوية المجتمعات الخليجية في إحداث اختراقات واضطرابات في دول الخليج، وما أحداث البحرين عنا ببعيد، وذلك راجع لحنكة القيادة الخليجية وذكائها في تعاملها مع المكر الإيراني، وليس إلى كون الطائفة نفسها عصية على الاستخدام الإيراني، فلقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن الولاء الطائفي خطير ومفكك للدول والمجتمعات، ومالم تكن هناك سياسة مواجهة مناسبة وذكية كما هو الشأن في المملكة، فإن الطموح الطائفي يتجاوز الوطن ويقامر به، وانتصار المتمردين الحوثيين في اليمن عبر التسوية التي تشرعن لانقلابهم وما ترتب عليه، ستفتح شهية أمثالهم من نفس الطائفة في كل مكان سيقال لهم: إليكم تجربة الحوثيين: (بشيء من التضحية يمكن الحصول على المكاسب السياسية، وستنالون جزءاً من كعكة السلطة) وستتكفل القوى الدولية بالتدخل لفرض تسوية تضمن لهؤلاء مكاسب ما كانوا يحلمون بها إن فعلوا.


الحل الوحيد

الخلاصة، إن اليمن والمنطقة بشكل عام لا تحتمل إلا حلا واحداً، هو أن تضطلع الشرعية اليمنية، بمسئوليتها التاريخية، وتبادر إلى تحرير صنعاء، وبقية المحافظات عنوة، ويعود الرئيس هادي لممارسة مهامه الرئاسية للجمهورية اليمنية، من دار الرئاسة بصنعاء، وأن تُتخذ خطوات متسارعة وجوهرية في البنية التشريعية، لترسيخ وتأكيد التلاحم مع النظام السياسي الخليجي، واعتبار الإضرار بمصالحه واستقراره إضرار باليمن والعكس. 


ويتم تصنيف جماعة الحوثي ومؤيديها كجماعة إرهابية تخريبية، لا شرعية لها ولا تفاوض معها، وتجريدها من كل ما يشكل تهديداً للأمن القومي العربي واليمني، وتوحيد التيارات والأحزاب والجماعات السُنّية، حيث مثل تفرقها وتصارعها فراغاً استفادت حركة التشيع الصفوي منه، وسارعت إلى ملئه عبر استقطابات خطيرة، هددت المجتمع بالانهيار، ومن ثم تمضي الدولة اليمنية في تطبيق قانون، يمنح كل المذاهب والطوائف حريتها التي تمكنها من ممارسة معتقداتها، وما تؤمن به دون مساس بالنسيج المجتمعي، ولا بهوية المجتمع، وأمنه واستقراره، ونظامه السياسي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.