شعار قسم مدونات

مواقع التنازع الاجتماعي

blogs - facebook
ثورةٌ أم انقلاب؟ فوضى أم حرية رأي؟ قتيلٌ أم شهيد؟ حرامٌ أم حلال؟ مؤيدٌ أم معارض؟ نصبح ونمسي يومياً على فوضى اتصالية مزعجةٍ جداً على مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت ملازمة لنا طيلة الوقت.. نقاش وجدال مستمر بين روّاد هذه المواقع في مُختلف الأمور والأحداث، سياسية كانت أو دينية أو رياضية أو اجتماعية، وعلى الرغم من كثرة هذه النقاشات إلا أنه من النادر جدا أن ترى فريقا فيها يقتنع برأي الآخر، بل وتتحول في معظمها إلى ساحات شتم وسخرية واستهزاء وتقليل من شأن الآخر، فأين أصل المشكلة؟


خلال حديثٍ لي حول هذه الظاهرة مع خبير الاتصال المؤسسي الأستاذ أحمد عودة، وصَف المشكلة بقوله "كل الناس يتحدثون كل الوقت عن كل شيء" نعم
، هنا أصل المشكلة، أو لعلّه أبرز أسبابها، فمع سهولة النشر عبر هذه المواقع، لم يعد أحد منا يلزم حدود تخصصه ومعارفه وثقافته، وبتنا جمعيا أطباء وعلماء دين وسياسيين ومحللين رياضيين، لا نتورع عن خوض أي نقاش في أي موضوع يطرح، وبذلك لم تعد مواقع التواصل هذه اجتماعية كما سميت، بل ساهمت في ضرب العلاقات الاجتماعية بانتشار هذه الفوضى الاتصالية -إن صح الوصف-.


حتى لا نبالغ بالمثالية، ليس المقصد مما سبق أن تقتصر مشاركاتنا عبر هذه المواقع على تخصصاتنا ومعارفنا، وفي ذات الوقت أن لا نبالغ في إقحام أنفسنا في جميع المواضيع والقضايا المطروحة، القضية بحاجة إلى توازن فعلا.

لقد ذكر د. عمران سالم -خبير أمن المعلومات- عبر صفحته على فيسبوك حلّاً منطقيّاً لهذه الظاهرة حيث قال "لو شارك كل منا معلومة مفيدة وصحيحة من تخصصه كل يوم، لسوف نحصل على كم هائل من المعلومات القيّمة خلال فترة وجيزة، في مجالات كالطب والتربية والتعليم والرياضيات والكيمياء والتاريخ والشريعة والتقنية والتجارة والإدارة والإعلام وبناء الذات والتدريب والسوشيال ميديا.."


بالإضافة لما ذكر سابقا، فإنَّ هناك عوامل أخرى يذكرها بعض مستخدمي هذه المواقع تجعل من النقاش معظم الوقت عقيما، كقلة الثقافة عند بعض المستخدمين، أو رغبة البعض بفرض الرأي والسير حسب قاعدة "خالف تُعرف" لا أكثر، أو عدم القدرة على إيصال وجهة النظر كاملة كما هو الحال في النقاشات الحيّة الواقعية، وهنا يُفرض علينا أن نجيب على هذا السؤال: هل هذه المنصات هي المكان الصحيح للنقاش؟


لكن، ومن ناحية أخرى، هل من الإنصاف أن نلقي اللوم على روّاد هذه المواقع فقط؟! أم أن القضايا التي يمر بها العالم في هذا الوقت متشابكة فعلا كتشابك النقاشات على هذه المواقع، هل باتت الفوضى التي نراها عبر وسائل الإعلام الجديد مرآةً للفوضى الواقعية الحقيقية التي تشهدها المنطقة العربية خاصة والعالم عامة؟ قد يكون. 


وحتى لا نبالغ بالمثالية، ليس المقصد مما سبق أن تقتصر مشاركاتنا عبر هذه المواقع على تخصصاتنا ومعارفنا، وفي ذات الوقت أن لا نبالغ في إقحام أنفسنا في جميع المواضيع والقضايا المطروحة، القضية بحاجة إلى توازن فعلا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.