شعار قسم مدونات

معارك أوروبا: من يعبر على جثة الآخر؟

blogs - أنشيلوتي

المعركة الأولى: ما بين المعلم والتلميذ
يذهب زيدان مرة أخرى إلى الأليانز أرينا معقل العملاق البافاري لكن هذه المرة كمدير فني وليس كمساعد، يذهب ليواجه معلمه وكبيره الذي علمه السحر، الإيطاليّ المخضرم أنشيلوتي. زيدان الذي كان مساعدًا يتعلم من أنشيلوتي فنون الكرة يدين بالكثير للإيطاليّ الذي لولا موافقته على وجود زيدان في الطاقم الفني لما فكر فيه فلورنتينو بيريز لخلافة المقال رافا بينيتيز. ليس هذا وفقط بل إن أي متابع لفريق الريال تحت قيادة زيدان يستطيع أن يرى بوضوح أثر أنشيلوتي على عقلية زيدان التدريبية والخططية، فالفريق مازال يلعب ككتلة واحدة وأنه لا يوجد ذلك النجم الأكبر من الفريق وأن الأولوية دائمًا للعب الجماعي. وأن سلاح المرتدات هو السلاح الضارب والأقوى في الترسانة المدريدية. 

على الجانب الآخر، يعيش بايرن ميونيخ فترة من أجمل فتراته الكروية بعد أن استطاع أنشيلوتي الوصول إلى التوليفة المثالية وعبور دور الـ 16 بعد أن دك حصون الأرسنال بعشرة أهداف كاملة، وتصدر الدوري بفارق مريح عن مطارديه.

هذه مباراة تعد بالكثير وبها الكثير من المعارك المصغرة، لكن تبقى المعركة الكبرى، معركة السيطرة على أطراف الملعب، سلاح ريال مدريد الأول والوحيد حاليًا، حيث يقوم الفريق كلما بحث عن الفوز أو تأخر في النتيجة بإرسال كم هائل من العرضيات داخل منطقة الجزاء حتى يتم المراد ويتم إحراز الهدف. على الجانب الآخر فإن أما بافاريا لا غنى لهم عن أطراف الملعب التي يبدأون منها هجماتهم ثم يدخلون من خلالها إلى عمق ملعب المنافس للبحث عن ثغرة هنا أو هناك بصبر يحسدون عليه.  إذًا هي 180 دقيقة لا مجال فيها للتوقعات. 

ستة أهداف سجلها لاعبو موناكو في مباراتين دراماتيكيتين أمام أرزق مانشستر خطفوا بها بطاقة التأهل. أما دورتموند فلقد ادخروا كل ما في جعبتهم لمباراة العودة على أرضهم وبين جمهورهم ليمطروا شباك بنفيكا برباعية كاملة

المعركة الثانية: فرصة للانتقام
في الممر المؤدي إلى أرضية ميدان اليوفنتوس آرينا، يلتقي كل من أليجري وإنريكي – كلاهما في طريق الرحيل عن أنديتهم ما لم يجد جديد-، ويدور بينهما الحوار التالي: 

أليجري: تهانينا على العودة التاريخية أمام الباريسيين، لقد كان أمرًا لا يصدق !
إنريكي: أرجوك، لا تتظاهر بأنك سعيد لما حققناه في تلك الليلة، لقد قرأت تصريحاتك المذعورة بعد تأهلنا. 
أليجري: حسنًا، لم أنسَ لكم ليلة برلين ما حييت يا لويس، لقد سرقتم مني اللقب. 
إنريكي: سرقنا اللقب! يبدو أنه عليك أن تشاهد المباراة مرة أخرى، لقد سيطرنا عليكم تمامًا ولولا امتلاكك أعظم حارس في العالم لانتهت المباراة بفضيحة لم يكن لينساها العالم. 
أليجري: وماذا عن ركلة جزاء بوجبا، هل تتذكرها؟ 
إنريكي، يبتسم بخبث: أخطاء الحكام هي الجزء الأسوأ في كرة القدم. 
أليجري، بعصبية غير معتادة: على كل حال، استعد لترى الجحيم بأم عينك الآن، لن نرحمكم. 
إنريكي، ببرود منقطع النظير: أنت خائف يا أليجري، إن لم تتأهل على حسابي اليوم ستتم إقالتك في نهاية الموسم. أما أنا فليس لدي ما أخسره هنا، فلقد أعلنت استقالتي في نهاية الموسم قبل أسابيع، أنا قادم للعب كرة قدم جميلة أنت تعرفها جيدًا. وتذكر دائمًا؛ أنا لديّ ميسي. 

تتسارع خطوات أليجري نحو دكة فريقه ويتمتم "لعنة الله على ذلك الأرجنتيني، وجوده أمر غير عادل"

صار أتلتيكو مدريد فريقًا كبيرًا، تخشى الفرق مواجهته لعلمها بأنه فريق صعب المراس ويستطيع قلب الطاولة في أي وقت

المعركة الثالثة: كرة القدم الرابح الأكبر
موناكو ودورتموند؛ أي ما مجموعه 10 أهداف كاملة في دور الـ16، ستة أهداف سجلها لاعبو موناكو في مباراتين دراماتيكيتين أمام أرزق مانشستر خطفوا بها بطاقة التأهل. أما دورتموند فلقد ادخروا كل ما في جعبتهم لمباراة العودة على أرضهم وبين جمهورهم ليمطروا شباك بنفيكا برباعية كاملة مع الرأفة في مباراة اتسمت بالمتعة والسيطرة الكاملة على كل شبر في أرضية الميدان. 

مباراة كهذه، تعد بالكثير من الأهداف خصوصًا وأننا أمام فريقين لا يعرفان شيئًا يذكر عن الدفاع لكن هجومه كل منهما كالمدفعية يضرب بلا هوادة ولا رحمة. والمثير للحماسة أكثر أن كلا الفريقان ممتلئ بالنجوم صغار السن "الجائعون" للبطولات الذين يريدون جذب الأنظار إليهم وما ديمبيلي ومندي وليمار ومور سوى أمثلة على ذلك. كما يتواجد كبار مثل رويس وفالكاو الذي أصابتهم لعنة الإصابات لكنهم يريدون أن يقولوا أن "الذهب لا يصدأ ". هذا كله إضافة إلى وجود مدربين من أصحاب النزعة الهجومية الطاغية، توخيل وجارديم ولا يعطون أهمية للدفاع أو التحفظ على الإطلاق. 

المعركة الرابعة: موعد مع التاريخ؟ ربما
ليستر سيتي وأتليتكو مدريد؛ يقولون في مصر "طباخ السم بيدوقه"، أي أن الشخص الذي يطبخ السم لابد وأن يأتي يوم ويتذوقه ويكتوي بناره. فهل يشرب سيميوني من نفس الكأس التي أرغم كبار أوروبا على الشرب منها. أخذ سيميوني المسؤولية وأتلتيكو فريق لا يرقى لكبار القوم في إسبانيا فما بالك وكبارهم في أوروبا. صنع سيميوني فريقًا صلبًا للغاية، تصعب مجاراته بدنيًا كما أنهم أقوياء على المستوى الذهني. وكان سيميوني هو صانع المفاجآت، كان هو الفريق الصغير الذي يزاحم كبار القوم ويهدد عروشهم حتى فاز بالليجا مرة ووصل إلى نهائي أوروبا مرتين لكن الحظ لم يحالفه في كلا المرتين. 

الآن، صار أتلتيكو مدريد فريقًا كبيرًا، تخشى الفرق مواجهته لعلمها بأنه فريق صعب المراس ويستطيع قلب الطاولة في أي وقت.  لكن هذه المرة يواجه أتلتيكو فريقًا ليس لديه ما يخسره، ليستر سيتي كتب التاريخ بالفعل بوصوله في مشاركته الأوروبية الأولى إلى الدور ربع النهائي في المسابقة الأقوى أوروبيًا. لكن لم لا؟  من كان يتوقع فوز ليستر بالدوري وتحقيق المعجزة، ما الذي قد يوقف قطار المدينة الصغيرة الآن عن الوصول إلى نصف النهائي وربما إلى كارديف حيث سيلعب النهائي.  سنرى!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.