شعار قسم مدونات

كلنا ترمب

blogs - ترمب
ما لبت الرئيس الأميركي ترمب أن عين في منصبه بعد فوزه في الانتخابات الأميركية الأخيرة حتى شرع في الوفاء بتوعداته وتعهداته الانتخابية، كان أكثرها جدلا إصدار أمرين تنفيديين يمنع بموجبهما مواطني بعض الدول الإسلامية من دخول أراضي الولايات المتحدة الأميركية؛ بدعوى حماية الأمن القومي والتهديدات المحتملة من طرف مواطني البلدان الإسلامية التي يشملها القرار.

يقتضي المنطق أن الأميركيين وافقو مسبقا على قرارات ترمب، إذ إنه بنى حملته الانتخابية على جوانب عدة أبرزها التصريح والجهر باتخاذ إجراءات حازمة في وجه المهاجرين، وعليه فتصويت الأميركيين لصالحه يعني دعمه لهذه المواقف والتوجهات، إلا أنه سرعان ما أبطلت المحاكم الأميركية العمل بهذا القرار.

أقل ما يوصف به ترمب من خلال هذه الأوامر التنفيذية أنه عنصري بالدرجة الأولى، ويجعل الجريمة الفردية ذات عقاب جماعي، وهو ما يتنافى مع القيم الكونية والمواثيق الدولية، إذا كانت، قرارات ترمب عنصرية محضة، فإننا في العالم العربي نجسدها في حياتنا اليومية، حكومات، شعوب وحتى أفرادا.

إننا ترمبيون نازيون وحتى متصهينون، اجتمعت فينا صفات الخبث والكره نحو بعضنا، بأسنا على بعضنا شديد وعلى غيرنا فنحن أهون من بيت عنكبوت. فينا عرق عنصرية أصيل متجدر.

إن الإجراءات التعجيزية والحواجز الحدودية بين الدول العربية لدليل واضح على ترامبية العقلية العربية. كيف يعقل أن يمنع مواطنو بعض البلدان العربية من دخول مواطني دول عربية أخرى من دخول أراضيها إلا بموجب التأشيرة، كيف يعقل أن نعيش الإقصاء والتهميش بين جماعة وأخرى، عشيرة وأخرى، مذهب ديني وآخر، فيحل الكره والخبث بيننا ليصبح جزءا من سلوكياتنا، كيف يعقل أن أقصي الآخر لأنه يخالف آصلي، يخالف مذهبي…

شئنا أم أبينا، فإننا عنصريون أصليون نمارس العنصرية جهارا نهارا تحت غطاء حماية الأمن والهوية، ونحن أبعد ما نكون عن القيم الكونية الحقة.. إذا كانت العنصرية هي مختلف السلوكات والتصرفات التي تفرق في التعامل مع الغير بسبب اختلافه عني، فإننا عنصريون حتى النخاع، فالسنية لا ينكحها شيعي، والخليجي لا يوقر المغاربي، والمصري يحاصر الفلسطيني، واللاجئ السوري مواطن من الدرجة الثالثة، أما العامل العربي فهو أحقر ما يكون في منظقة الثري الخليجي.

لقد تعالت الصرخات والتنديدات بقرارات ترمب باعتبارها مخالفة لقيم حقوق الإنسان والمواثيق الدولية، فإننا كعرب أحوج ما نكون إلى صرخات من ذواتنا تعيد لنا رشدنا وتهدينا إلى قبول الاختلاف، وأن لا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى، وأن أمتنا أمة واحدة، وأن الله قد خلقنا إخوانا، وأن ما فرقته السياسة يجمعه الدين وهو أشمل.

إننا ترمبيون نازيون وحتى متصهينون، اجتمعت فينا صفات الخبث والكره نحو بعضنا، بأسنا على بعضنا شديد وعلى غيرنا فنحن أهون من بيت عنكبوت. فينا عرق عنصرية أصيل متجدر لم تنجح كل السبل في بتره وقطع المدد عنه، إننا بدرجات متفاوتة عنصريون، إننا شئنا أو رفضنا فكلنا ترمب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.