شعار قسم مدونات

ثورة لم تكتمل بعد في سوريا

blogs - الثورة السورية

ستة أعوام مضت من الثورة السورية دون أن تتمكن حتى الآن من تحقيق إنجاز سياسي يكافئ التضحيات التي قدمها هذا الشعب من مئات القتلى والجرحى والمفقودين والأسرى لدى النظام وملايين المشردين داخل سوريا وخارجها. تدخل الثورة السورية عامها السابع وسط تواطؤ أو خذلان عربي ومؤامرات دولية مكنت إيران وشيعتها من التغلغل في البلاد وتشكيل حائط صد ضد الثوار لمنع النظام من السقوط في أي لحظة.

 

ولكن إيران وميليشياتها فشلت في حماية النظام السوري، فتدخلت روسيا كدولة عظمى لتحقيق مصالح ذاتية عبر المواجهة مع الغرب وتحت راية محاربة تنظيم الدولة، فكانت النتيجة إنقاذ النظام ومذابح مروعة للسوريين وتهجير عشرات الآلاف منهم من حلب ومن حي الوعر بحمص مؤخرا، لتلحق هاتين الموجتين الأخيرتين بموجات تهجير سابقة في القصير والريف الدمشقي وغيرها.

 

اعتمدت المعارضة على تكتيك السيطرة على مناطق واسعة ما جعلها عرضة للاستهداف السهل من إيران وروسيا، كما حملها مسؤوليات ثقيلة تجاه الناس

وقف العرب يتفرجون على المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري اللهم من مساعدات قدمتها بعض الدول الخليجية، وذلك في وقت سمحت فيه الولايات المتحدة للروس بالسيطرة في المنطقة والقيام بالمهمة القذرة في تصفية حركات المقاومة السنية، وذلك حتى لا تقوم لها قائمة أو أن تحصل على أي موقع سياسي مهم في أي تسوية قادمة للأزمة.

 

توزعت ولاءات المعارضة بين أميركا وتركيا التي وسعت من إطار تدخلها مؤقتا بالتفاهم مع الروس لتمنع تنظيم الدولة من الاقتراب من حدودها وتبعد شبح دولة للأكراد على حدودها. لا أحد ينكر أن المعركة كانت أكبر من تنظيمات المعارضة المسلحة بالأسلحة الخفيفة، ولكنها ارتكبت أخطاء أقلها عدم التوحد في ساحة المعركة وأكبرها أن يصبح بعضها أداة لأجندات خارجية لتضيع بذلك بوصلة المعركة مع النظام.

 

بعد ست سنوات لم تعد المواجهة السلمية بين الشعب والنظام هي الحاكمة، إذ تحولت لمواجهة عسكرية دخلت فيها دول الإقليم وروسيا والولايات المتحدة. ولذلك لم تعد مصلحة الشعب السوري هي الحاكمة بل مصلحة القوى المتداخلة والمتصارعة داخل الأراضي السورية. ومن هنا، فعلى المعارضة السورية أن توحد صفوفها في الميدان وكلمتها في المفاوضات وألا تسمح للأجندات الخارجية أن تتحكم بها. صحيح أن هذه المعارضة بحاجة إلى السند الخارجي في ظل كثافة الهجمة التي تشنها إيران وميليشياتها، إلا أن هذه القوى مطالبة بأن تضع مصلحة الشعب في المقدمة وتنسج علاقاتها وتحالفاتها فيما يحقق هذه المصلحة.

 

في العام السابع للثورة، لا تزال سوريا بمثابة الثقب الأسود الذي يستدرج القوى الإقليمية للتورط فيه. وإذا استمر هذا الوضع فقد يترتب عليه خسائر فادحة للأطراف المختلفة دون أن يحقق أي طرف منها إنجازات حقيقية

وفي الميدان، اعتمدت المعارضة على تكتيك السيطرة على مناطق واسعة ما جعلها عرضة للاستهداف السهل من إيران وروسيا، كما حملها مسؤوليات ثقيلة تجاه الناس. وقد آن الأوان لإعادة النظر في هذا بما في ذلك اللجوء لحرب العصابات والاستناد إلى الحضن الشعبي الكبير الذي تتمتع به في أوساط الشعب السوري الساعي للانعتاق من نظام بشار الأسد المجرم.

 

كما وسعت المعارضة نطاق معاركها في جميع أنحاء سوريا، وهذا ليس عيبا ولكنه يتطلب منها جهدا كبيرا لتحافظ على زخم وجودها وتحقيق إنجازات وإلحاق الهزائم بالنظام. كما أن الاشتباك مع تنظيم الدولة يجب ألا يكون من أولوياتها وترك هذه المهمة للدول المتداخلة في سوريا. ومن شأن ذلك أن يساعد هذه المعارضة في التركيز على المعركة مع النظام والمليشيات الإيرانية المتحالفة معه.

 

 في العام السابع للثورة، لا تزال سوريا بمثابة الثقب الأسود الذي يستدرج القوى الإقليمية للتورط فيه. وإذا استمر هذا الوضع فقد يترتب عليه خسائر فادحة للأطراف المختلفة دون أن يحقق أي طرف منها إنجازات حقيقية. ولذلك فالحل الأوحد هو في تقارب تركيا وإيران، واستمرار المعارضة في الضغط على النظام لإحداث نوع من التوازن يهيئ لنجاح الحل الإقليمي الذي يحقن دماء الشعب السوري ويحقق له آماله وتطلعاته.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.