شعار قسم مدونات

الرئيس عباس.. في حضرتنا من طرفٍ واحد

blogs - محمود عباس
أصدقائي: لو تجردنا من أحكامنا المسبقة التي نطلقها على بعض الشخصيات فربما نستطيع الخروج بنتيجةٍ سعيدة وبأخبارٍ سارة، ضح مبادئك وأخلاقك وكل القيم التي تعلمتها وستتعلمها يومًا ما على جنب، وانظر إلى الرؤساء عباس والسيسي وترامب، من منظور ثالث، فتجد أنهم شخصيات جديرة بالاحترام، فلولاهم لأفلست العديد من المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام، واندثرت العديد من مدراس التفكّر الحديثة، باعتبارهم رواد محور الفنتازيا والخيال.

ومن منطلق أني أتخذ السيد الرئيس محمود عباس قدوة، فقررت اتباع خطاه إلى أرض الفنتازيا، وإجراء مقابلة صحافية لن تكون معه، حتى يتحدث معي بصراحة عن تجربته النضالية الطويلة، وخططه المستقبلية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق حلم الدولة المستقلة المعترف بها دوليًا، يكون هو رئيسها الأول المنتخب.

سيدي الرئيس هذه مقابلة من طرف واحد، مثلما أنت تحكم من طرف واحد، نحن سنتحدث وأنت ستستمع، لمرة واحدة نحن لسنا مضطرين لسماعك لساعات طويلة نكتب من بعدك لننتج موادًا صحافية لن تجلب لوسائل الإعلام التي نعمل بها سوى الشتائم والسباب من جمهور أغلبه لم ينتخبك لم ينتخب فصائل أخرى تعاديها، معركتكم لا ناقة ولا جمل لنا فيها.

أعلم يقينًا خلال اللقاء المرتقب لك مع الرئيس ترمب مطلع نيسان أبريل المقبل، أنك ستكون حازمًا متمسكًا بكل الثوابت الوطنية، والعقلية النضالية.

علبة سجائر:
سيدي الرئيس، أنا عمري 26 عامًا، ومثل سني يشكل 30% من فلسطين، أتدري أن كل هؤلاء لم ينتخبوك، معظمهم لم يعرفوك، بل إن من هم أصغر من ذلك قد لا يكبرون بصحة جيدة بسببك، ومن هم أكبر قلقون بقدر قلقك الدائم من الاستيطان الإسرائيلي ومصادرة الأراضي.

أنا لا أنسى تصريحك الخالد الذي يعبّر عن قلقك الدائم على فلسطين، حين أحرقت علبة سجائر كاملة خلال نصف ساعة أثناء انتظارك لقرار الأمم المتحدة حول قبول عضوية فلسطين بصفة مراقب، أتدري أن ثمن هذه العلبة يومًا يمكنه إعالة أسرتين مستورتين في غزة.

أتذكر عام 2014، ذلك العام الذي شن الاحتلال حربًا مدمرة على غزة، وفي يومها الـ 51 يومًا، خرجت بمؤتمرٍ مقتضب يعلن نهاية الحرب، أما في 2016 خرجت بكلمة مارثونية جئت فيها على الحضور النائم، وعريقات الحردان، والمشركين في عرب آيدول، وكل شيء عدا الفائدة والكلام الرزين الذي يليق برئيس لشعب كان يعرف عنه النضال والثورة والمقاومة.

سيدي الرئيس، أتعلم أن محكمة الصلح كانت ستنظر في تهم موجهه للشهيد باسل الأعرج بحيازة سلاح، إلى جانب خمسة من رفاقه يقبعون في سجون الاحتلال، بعد ذلك تراجعت على ما يبدو لأن باسل حسب أوراق رسمية "غير حي"، بمعنى أنه لم يستطيع الحضور للمحكمة!

سيدي الرئيس.. متى ستنتخب ومن سترشح؟ أتعرف ماذا… لا تجيب، أيًا كان من سيخلفك لا يهم، من بعدك علميًا ومنطقيًا لا يأتي شخص أسوأ.

كذبة نيسان:
أعلم يقينًا خلال اللقاء المرتقب لك مع الرئيس ترمب مطلع نيسان أبريل المقبل، أنك ستكون حازمًا متمسكًا بكل الثوابت الوطنية، والعقلية النضالية التي تربت عليها كل الفصائل الفلسطينية التي تقدم المصلحة العامة على مصلحة الحزب، وأعلم أنك ستهدد بوفق التنسيق الأمني وإلغاء كل الاتفاقات ومعاهدات السلام، حتى إنك ستهدد بحل السلطة والاستغناء عن كل المناصب مقابل إثبات أن إسرائيل ليست داعية سلام ولا تسعى للسلام.

وكما أعلم أنك ستتجنب المباحثات العقيمة حول استئناف المفاوضات الثنائية التي تأتي برعاية أميركية، بل أخيرًا ستفجر قنبلة من شأنها زحزحة الحالة السياسة الفلسطينية على الصعيد الدولي، وستجبر أميركا على لعب دور أقل انحيازًا لإسرائيل، كما أنك ستتخذ موقفًا حاسمًا لا رجعة عنه في شأن نقل السفارة إلى القدس.

أعتذر على الإطالة، فقط لدي أسئلة بسيطة لن تجيب عليها أيضًا، أنا أعرف أنك شخص مشغول ومسؤول، فأنت الرئيس الفلسطيني ورئيس اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، فمجرد جلوسك لقضاء حاجة متعسرة، فذلك يكون اجتماعًا مصغرًا "كابينيت" على مستوى القيادة الفلسطينية جمعاء.

أختم معك سيادة الرئيس، بسؤال طالما تمنيت توجيهه لك، وهو: حال تم التوافق تجاه كل القضايا الفلسطينية العالقة، وتم تحقيق المصالحة والوطنية، وتم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وفرضنا أنك لن تترشح للرئاسية، متى ستنتخب ومن سترشح؟ أتعرف ماذا… لا تجيب، أيًا كان من سيخلفك لا يهم، من بعدك علميًا ومنطقيًا لا يأتي شخص أسوأ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.