بتعيينه لسعد الدين العثماني،  يكون الملك ظل وفيا لنص ومتن الدستور، وملتزما بالمنهجية الديمقراطية، وواضعا الحد للتكهنات التي ذهبت بعيدا.

سعد الدين العثماني:
ولد بأكادير جنوب البلاد بتاريخ 16 يناير 1956. سياسي وطبيب عام وأخصائي نفسي وباحث وفقيه، شغل منصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سابقا، تقلد منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون بحكومة بنكيران بين 2012-2013. يعتبر من القيادات الإسلامية.

دلالات التوقيت… الجمعة 17 مارس 2017:
أولا: استبق القصر تعيين العثماني، قبل انعقاد المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، وفي ذلك مغزى بأن اختيارات الملك لن تملى عليه من داخل الأحزاب السياسية، بقدر ما تؤطرها نصوص الدستور، ولكي لا يترك هامشا أمام الحزب للخروج عن خياراته بفرض اسم غير مرغوب فيه لدى القصر.
ثانيا: التزام أجل  48 ساعة، بين بلاغ إعفاء بن كيران وتعيين العثماني، حيث هي المدة نفسها التي كانت فاصلة بين الإعلان الرسمي نتائج اقتراع أكتوبر، وتعيين بنكيران. يوم 10 أكتوبر 2016، وأيضا اختيار توقيت ما بعد الزوال للأول والثاني. مما يعطي الدلالة أن الاختيار كان مسطريا وتراتبيا، ولم يحتج إلى مدة كبيرة للاختيار، وأيضا أنه لا فرق تفضيلي لدى القصر للاشخاص داخل الحزب، بقدر التعامل مع الحزب.

دلالات المكان.. القصر الملكي بالبيضاء:
وهو المكان الذي تم اختياره أيضا لتعيين بن كيران. ونفس الأمر حدث اليوم مع العثماني، مما يكرس دلالة عدم التفضيل الشخصي، وأنه لا مشكل للقصر مع بنكيران كشخص.

اعتبارات اختيار شخصية سعد الدين العثماني:
أولا: لأنه الرجل الثاني، على اعتبار أن التنظيمات السياسية، تنبني على تراتبية الصفات، فبعد الأمين العام أو الرئيس، توجد مؤسسة رئيس برلمان الحزب، والعثماني هو رئيس المجلس الوطني.
ثانيا: أمازيغي وفي ذلك رسالة إلى الحركة الأمازيغية التي طالما انتقدت تعامل بن كيران مع المكون الأمازيغي وثقافته. وبذلك كانت تعادي حزب العدالة والتنمية، وبتعيينه يكون أول أمازيغي يشغل هذا المنصب.
ثالثا: الشخصية الأكثر اعتدالا وليونة داخل صقور البيجيدي؛ على خلاف ما توقعه كثيرون بأن يكون الرميد، حيث إن هذا الأخير يتميز بصفة الصرامة، وعدم التراجع الذي تمليه بعض المحطات السياسية. 
رابعا: العثماني يستند إلى قاعدة قوية داخل مناضلي الحزب، مما يعطي لآرائه ومواقفه قوة وتأثيرا.
خامسا: من أكبر الكفاءات داخل الحزب، نظرا لمساره الدراسي ومشواره الأكاديمي.
سادسا: أحد أهم الأقطاب الفرونكفونية داخل الحزب.
سابعا: سبق له أن شغل منصب الأمين العام، قبل عبد الإله بن كيران 2004-2008.

العثماني رئيس بيد مغلولة:
طريق العثماني لن تكون مفروشة بالورود، خلافا لبن كيران، بل سيكون هامش حركته محدودا بمخرجات البرلمان الحزبي، الذي يرأسه، وهي فرصة لكي يعطي الإشارات للفرقاء الحزبيين خاصة أن الحزب يعد من أكثر الأحزاب التي تتبنى الديمقراطية الداخلية في اتخاد قراراتها في الساحة السياسية المغربية.

وبناء على لاءات حزبه والتي ستعينه على التعلل، ولا أظنها  إلا أكثر تشددا، وبذلك لن يستطيع أحد إلصاق البلوكاج في العثماني لوحده دون حزبه، ولعلها ستكون كلاءات أنصار معاوية حينما طالبوا بالثأر لعثمان قبل أن يبايعوا عليا، وكذلك أنصار بن كيران لن يرضوا بأقل من شرط تنحية الاتحاد الاشتراكين حفاظا على ماء وجه زعيمهم، وانتقاما له من لشكر الذي أوقف حكومته.