شعار قسم مدونات

من يرفض التعايش مع الآخر نحن أم الغرب؟

blogs - turkey
لا تزال حتى هذه اللحظة ألسُن الناصحين والشامتين أيضاً من الغرب والشرق، تلهب ظهورنا نحن شعوب العالم الإسلامي، وتنصب لنا المحاكم في كل مناسبة، وهي في كل وسائل الإعلام المحلية والعالمية ووسائل التواصل الاجتماعي، كلها تدعو وتحض المجتمعات الإسلامية على التسامح والتعايش مع غيرها من المجتمعات، وإلى نبذ التطرف والإرهاب ورفض الآخر.

 

هل فعلاً نحن نرفض التعايش والتسامح مع العالم؟
من حقنا أن نقف لنتأمل هذه الدعاوى ومدى مطابقتها للواقع، فمن وسائل تسويق الفكرة لتصبح قناعة لدى المتلقي أن يتم تكرارها آلاف المرات، سواء بمناسبة أو بدون مناسبة، وبصور مختلفة، وبوسائل متعددة وبأشكال مقنعة حتى تفرض الفكرة وجودها أولاً في وجدان الناس وشيئا فشيئاً تصير قناعة لدى الرأي العام سواء كانت سلبية أو إيجابية.

هذا بالضبط ما فعله الإعلام الغربي معنا كشعوب مغلوب على أمرها، ظل يردد على مسامعنا نصائحه أن نقبل بالتعايش مع العالم والتسامح وننبذ التطرف والإرهاب ويكرر تلك الشعارات حتى ظننا بل وتيقن غالبيتنا أننا فعلاً مجتمعات غير متعايشة ومتشوقة لقتل الآخر المختلف والعدوان عليه والسيطرة على خيراته، إنها أشبه بعملية برمجة نفسية فعلها العالم معنا مستخدماً إمكاناته الإعلامية والدعائية الضخمة، فلو لقيك صديق وقال: تبدو مريضاً يا صديقي وأخبرك أن لون وجهك متغير، ثم عزز هذه الملاحظة صديق آخر وثالث ورابع وعاشر ستتجه مباشرة لأقرب طبيب، متيقناً أنك فعلاً مريض؛ بينما هي لا تتعدى مزحة ثقيلة أو مؤامرة مُحكمة، هكذا يفعل بنا إعلام الغرب وتوابعه !
 

من يرفض التعايش إذاً؟

مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن يحمل خارطة طريق، تفرض ميليشيا دينية كهنوتية مسلحة؛ حاكماً أو شريكاً نافذاً في السلطة، وهي ميليشيا الحوثي التي دمرت اليمن وأشعلت حرباً قذرة بالوكالة.

أولاً: منذ سقوط الخلافة العثمانية وتولي مصطفى كمال أتاتورك السلطة في تركيا؛ والأتراك يبحثون عن موقعِ داخل منظومة الاتحاد الأوروبي، ولم يقبل الأوروبيون الأتراك ضمن الاتحاد حتى اللحظة، رغم ما فعلته تركيا وما حققته من قفزات في كل الجوانب الاقتصادية والسياسية، وما شهدته تركيا على صعيد حقوق الإنسان والديمقراطية ومبادئ الحوكمة الرشيدة، يجعلها جاهزة للانضمام للاتحاد الأوروبي دون تأخير، لكن ليت الغرب اكتفوا بعدم قبول تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي وحسب، بل ذهبوا أبعد من ذلك، العالم الإسلامي اليوم يترقب صورة من صور وشعارات التعايش والتسامح الذي ظل عقوداً يفْلِق بها أسماعنا، لسان حال مواطني دول العالم الإسلامي يقول: تعايشوا مع تركيا أولاً، أو على الأقل دعوا تركيا تعيش من الأساس!

ثانياً: ليس لنا أي نفوذ عسكري حول العالم وليست تلك أساطيلنا التي تتمركز قبالة الحدود البحرية لدولنا وترسوا على شواطئنا بدون حرج ولا اعتراض وتحمل في متنها أسلحة فتاكة قادرة على تدمير عواصم العرب بوقت واحد.
 

– لسنا من يحتل المياه الإقليمية لدول العالم الثالث بدعوى حماية الملاحة ويحمل عصا الترهيب ضد أي دولة تبدي عدم رغبتها في تواجد قوات غربية على مياهها.

– لسنا من يقف حجر عثرة أمام انتخاب حكومات الدول الغربية، ولم نعترض على نتائج العملية السياسية، كما فعلوا في فلسطين وقبلها في الجزائر وبعدها في مصر، وفي كل بلد يفرضون ديمقراطية مفصلة على مزاج وسيناريو بعينه، وموقف دول الغرب من تركيا واضح للعيان.

– مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن يحمل خارطة طريق، تفرض ميليشيا دينية كهنوتية مسلحة؛ حاكماً أو شريكاً نافذاً في السلطة، ميليشيا الحوثي التي دمرت اليمن وأشعلت حرباً قذرة بالوكالة، يريدها الغرب حاملو شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان حاكماً على الشعب وإزاحة حاكم منتخب، بينما تناصب العداء لحاكم تركيا المدني و المنتخب! تعايشوا مع تركيا أولاً واقبلوا بإرادة الشعوب الحرة ثانياً ثم تحدثوا عن التعايش.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.