– لم أعرف أي نوع من البرود الوجداني يملكه أصحاب المناصب على اختلافها، جهل بالمسؤولية، حب للسلطة والجاه، أمراض نفسية، تبعية حتى درجة الخنوع. ألا يشعرون بما قد يجرى حولهم!
– هذه دولة فارس تعلن سيطرتها التامة على الخليج حتى عمان ما بعد اليمن وهي على حدود الحجاز.
– وهذه إسرائيل ترسم رايتها فعلاً وليس قولاً الخطان الزرقاوان من الفرات إلى النيل.
– وهذه تركيا تحقق طموحاتها في تغيير العالم ليكون أكبر من "خمسة زائد واحد".
– وهذه الدول العربية في تطور وازدهار في التبعية والتشرذم والنئي بالنفس حتى درجة الاختفاء،
ما زال شهداؤنا يزوروننا كل عاصفة مضنية يذكروننا بمتابعة المسير فحسب مستشهدين بكل فاجعة حدثت متوعدين بأن هناك رياح موسمية ستعلنها حرباً غير عادلة. |
– أما سوريا:
فهي لا تزال تحتفل بخمسينية خذلان العالم لثورة شعبها وعيد الوحدة السابع لفصائلها للسنة الأربعون وعيد تكريم أسر شهدائها الثلاثين، وعيد محاسبة قادة فصائلها المتخاذلين للسنة العشرين، وعيدها العاشر في عودة أبنائها من المهجر.
لا بد أن يتحقق ما لم يحصل بعد، وإن كان على سبيل غفوة أصابتني خلال كتابتي هذه الحروف التي تم تنقيطها بحبر القهر الملطخ في "الخذلان العالمي الأعظم الذي حصل حقاً" في مدينتي حلب الجريحة، حزنٌ يستحيل وصفه، أنبكي رفقاء دربنا من الشهداء أم الأطفال والنساء الأبرياء أم أشجع الشبان من رموز الحرية والكرامة أبطال الجيش الحر، أم نغفو كما كل من يشاهد دماءنا تنعيها مذيعة مثيرة على شاشة عالية الوضوح وبصوت ناعم خماسي البعد يصيب السامع بتلاحق غفوات هي خير من ألف اجتماع أممي.
غفونا عن آلام وآهات إخوتنا في فلسطين والعراق ولبنان… دون أدنى مسؤولية أو حتى شرف المحاولة أو التساؤل، فأصابنا العادل كما سيصيب كل متخاذل، إياكم وهذه اللعنة، فالرقود بعد الاطلاع على أحداث قد حصلت ليست تسلية كما قراءة التمني بما لم يحصل منها..
السفن لن تسير إلا كما يريد ربانها والرياح لها خالقها، وما زال شهداؤنا يزوروننا كل عاصفة مضنية يذكروننا بمتابعة المسير فحسب مستشهدين بكل فاجعة حدثت متوعدين بأن هناك رياح موسمية ستعلنها حرباً غير عادلة، وبأنها لم تبدأ بعد، وبأن الرابح فيها من سيصبر، ليس عجيباً أن يتأخر الحكم في صافرته فاللاعبون كلهم ينفخون عكس صافرته، الغريب أن يتأخر الفريق الرابح عن معرفته جهة الريح المجدية وبأن يسيروا عكس ما طلب منهم خالق ومسير كل شيء.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.