شعار قسم مدونات

دعاة على أبواب جهنم

blog- عنصرية
مستوردة وتتفشى عبر مجتمعاتنا العربية! وهي ظاهرة خطاب الكراهية، نعم أقول ظاهرة، فكل ما عليك هو أن تراقب ما يدور حولك في الواقع وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، فستجد انتشار الخطاب الذي يحتوي على التعدي والاقصاء للآخر وإثارة مشاعر الكراهية نحو مكونات أخرى في المجتمع، تصل في كثير من الأحيان إلى الإستعلاء، لدرجة إلغاء الطرف الآخر، وعادة ما يتسلح أولئك الناس بالقوة أو العدد أو القومية للتعالي على المكونات الأخرى.

وأشهر من قام بتصدير هذا الخطاب للعالم هي "الولايات المتحدة الامريكية" وكان ذلك بعد أحداث سبتمبر 2001م وكان لها الدور الكبير في تأجيج الصراعات في الدول العربية، وتنامت هذه الظاهرة في مجتمعنا بعد ثورات الربيع العربي. ومن المؤكد أن الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها هم المستفيدون من نمو هذا الخطاب الذي يساعدهم على اختلاق الصراعات التي تضعف الدول العربية والإسلامية؛ مما يسهل عليهم مهمة السيطرة والهيمنة على مقدرات الأمة العربية والإسلامية.

إن نكران وجود تلك الظاهرة في مجتمعاتنا سيؤدي إلى حالة من الاستقواء عند دعاة الكراهية، مما سينتج عن ذلك تفكيك الروابط الاجتماعية وانعدام الثقة بين أطياف المجتمع، والأمثلة كثيرة على ذلك فإن من يراقب الأوضاع عن كثب، يجد أن هناك حالة من عدم الثقة بين الشعوب والحكومات المتلاحقة لدرجة تصل للحكم المسبَق على الحكومات القادمة والتي لا يعرف أشخاصها. وهناك شواهد أخرى تبين تمدد خطاب الكراهية، ونرى ذلك بوضوح على الساحة الرياضية وما يجري فيها.

يقول الدكتور "آرت ماكمان": "إن انتشار الكراهية والعنف في الانترنت ظاهرة سيئة، فالتجربة النفسية التي يتخللها نزاع وتبادل أحاديث عنيفة دون الوصول إلى تسوية وحل لا يمكن أن تكون تجربة مفيدة وصحية".

حيث إن الملاعب والمدرجات وبعض القنوات الفضائية تجد فيها مكانا يمارس فيه أبشع أنواع العبارات والممارسات التي تحرض على الكراهية والتشرذم، فبدل أن يأتي المواطن العربي لقضاء الأوقات الممتعة؛ يعود لبيته محتقنا بكمية كبيرة من الكراهية ضد من هم إخوانه أصلا. ومن هذه الشواهد أيضا، استغلال المواضيع الساخنة عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بواسطة التغريد بأبواق ناعقة بالعنصرية ليل نهار. فلو بحثنا نحن المسلمون والعرب عن مصطلح العنصرية في كتب التاريخ الإسلامي في فلن نجد له أثرا، إلا في التاريخ الحديث، وفي عصر التشدق بالنهضة والانفتاح الفكري، فهكذا هم يريدوننا! "مواطنون عصريون ممزوجون بدعوات الجاهلية ".

وتشكل وسائل التواصل الاجتماعي الأرضية الخصبة والحاضنة لمثل هذه الامور، والتي لا تخرج علينا إلا بالضرر والتفكك والأجواء المشحونة بالتعالي والاحتقار للآخر، ويؤكد ذلك استاذ علم النفس في جامعة "تكساس أوستن" الدكتور "آرت ماركمان" حيث يقول: "إن انتشار الكراهية والعنف في الانترنت ظاهرة سيئة، فالتجربة النفسية التي يتخللها نزاع وتبادل أحاديث عنيفة دون الوصول إلى تسوية وحل لا يمكن أن تكون تجربة مفيدة وصحية".

وهذا الأمر نراه جليا وواضحا في الكثير من القضايا المطروحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وعلينا إدراك أن خطاب الكراهية أشد فتكا من السموم القاتلة، وأنه يخدم أعداء أمتنا الواحدة، وعلينا أيضا إدراك التباين الديني والعرقي، وهنا يجب أن ننوه لرجال الدين في بلادنا العزيزة بأن يكون الخطاب الديني واضح ودقيق، حتى لا يتم استغلاله في استقطاب مزيد من العناصر الذين يتبنون الكراهية والأفكار الظلامية.

إن خطاب الكراهية قائم على السلطة والمال، وهدفه القضاء على مجتمعنا؛ فلا بد من إيجاد معادلة تحقق إيصال الأفكار الصحيحة دون اتهامها باحتوائها على خطاب كراهية. وفي ظل خلو الساحة من وجود قانون يعاقب من يمارس وينشر الكراهية بين شرائح المجتمع، سيسمح للمتطرفين والعنصريين والمتعصبين بنفث سمومهم بسهولة مطلقة، وذلك عبر سياسيين أو مكونات عرقية ودينية، ويهيئ لهم قاعدة صلبة لممارسة انحطاطهم واحتقارهم للمكونات الأخرى. أناشدكم وأناشد المسؤولين في كل مكان بمحاربة أولئك المتوغلين فينا، حتى نعيش في أوطاننا أمنين، فهل من مجيب!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.