شعار قسم مدونات

برشلونة يصنع التاريخ

BARCELONA, SPAIN - MARCH 08: Lionel Messi of Barcelona (10) celebrates as he scores their third goal from a penalty with Neymar (11) during the UEFA Champions League Round of 16 second leg match between FC Barcelona and Paris Saint-Germain at Camp Nou on March 8, 2017 in Barcelona, Spain. (Photo by Michael Regan/Getty Images)
محظوظٌ هو من عاش في زمن كرة القدم الجميلة، كرة القدم البسيطة والبعيدة عن التعقيد، زمن ظهرت فيه أسماء مميزة للاعبين وأندية على حد سواء.. في حقبة الخمسينيات وتحديداً في أواخرها وهو الزمن الذي انتظمت فيه بطولات الأندية لتقام بمواعيد محددة وطرق تنظيمية محددة كذلك، في هذه الفترة كان ريال مدريد هو المسيطر على البطولة الأقوى أي بطولة الأندية الأوروبية.. وفي الفترة اللاحقة أي فترة الستينيات لم تكن السيطرة لنادٍ بعينه فمن مانشستر يونايتد العائد من حادثة تحطم الطائرة إلى إنتر ميلانو الايطالي ومدربه هيلينيو هيريرا من خرج بطرق دفاعية غير تقليدية.

أياكس امستردام الهولندي هيمن على بداية فترة السبعينيات أعقبه بايرن ميونيخ الألماني تلاهما ليفربول الإنجليزي حتى منتصف الثمانينيات ومأساة هيسل ومقتل الجماهير الإيطالية في نهائي بطولة الأندية الأوروبية مما أبعد الأندية الإنجليزية عن المنافسات الأوروبية حتى بداية التسعينيات.. 
نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات سيطر عليها نادٍ واحدٍ هو إي سي ميلانو الإيطالي فحطم كل الأرقام القياسية وسيطر لاعبوه على تشكيلة المنتخب الإيطالي، عاد ريال مدريد في نهاية تلك الفترة إلى الظهور والسيطرة أوروبيا حتى منتصف العشرية الأولى من الألفية الثالثة.

في كل مباراة يخوضها برشلونة تتوقع منه أن يسجل أو يحطم رقماً قياسياً فكتيبةٌ يقودها أفضل لاعب أرجنتيني وأفضل لاعب برازيلي وأفضل لاعب أوروغوياني وأفضل لاعب إسباني قادرة على تحقيق المعجزات.

مع نهايات تلك الفترة بدأت مرحلة جديدة هي قادها فريق برشلونة الإسباني ليسيطر على كل البطولات في فترة وجيزة في عهد مدربه الفيلسوف بيب جوارديولا لتصبح مبارياته وكأنها نزهة جعلت الجماهير تتساءل كم هدفاً سيسجل برشلونة الليلة مع اليقين التام بالفوز.

المفارقة هي أن تلك الفترة بدأت بخسارة للفريق الإسباني أمام فريق يُدعى نومانسيا بهدفٍ وحيد تلاها تعادل مع فريق بلد الوليد وبعد ذلك انطلق الفريق ليحقق الانتصار تلو الانتصار حتى أن ريال مدريد بعظمته تعرّض لخسارةٍ نكراء في ملعبه وبسداسيةٍ.

ليلة الأربعاء في الثامن من آذار شهدت حدثاً تاريخياً على صعيد كرة القدم عندما نجح فريق برشلونة بقلب الطاولة على فريق باريس سان جيرمان لينتزع منه بطاقة التأهل إلى دور الثمانية من دوري الأبطال الأوروبي.. الإنجاز لم يكن في التأهل والذي اعتاد عليه الفريق في السنوات العشر الأخيرة بل ولم يكن في النتيجة الكبيرة والتي وصلت إلى ستة أهداف بل كان في نجاح الفريق في العودة من الخسارة بأربعة أهداف دون مقابل في مباراة الذهاب.

لم يكن أشد المتفائلين بالفريق الإسباني يتوقع أن يتحقق ذلك لا لشيء إلا لأن الفريق لم يقدّم ما يشفع له في مباراة الذهاب والتي أقيمت قبل ثلاثة أسابيع تلقّى على إثرها هزيمة نكراء.. كرة القدم لعبة المفاجآت لا تخضع للمنطق وعليه بات كل شيء ممكناً حيث آمن الفريق بقدراته ظهر ذلك في تصريح نجم الفريق نيمار عندما قال لو كان الأمل واحدٌ في المائة سنقاتل من أجله.

مدرب الفريق الراحل في نهاية الموسم إنريكيه عدّل من خطته ووضع الأسماء القادرة على تحقيق الإضافة مع تحفيزهم ومساندة الجماهير الكبيرة لهم مما جعل الفريق يُحارب على كل كرة.. سيناريو المباراة في بدايته كان مثالياً بهدف مبكر قبل أنِ تكتمل الدقيقة الثانية وتوالت الأهداف لتصبح ثلاثة قبل أن ينغص كافاني على الجماهير بهدف زاد من صعوبة المهمة ، الكثيرون اعتقدوا بعد ذلك أن المباراة انتهت لتحمل الدقائق السبع الأخيرة ثلاثة أهداف أخرى جعلت المهمة المستحيلة تتحقق.

برشلونة بات أول نادٍ يقلب تأخره بأربعة أهداف ذهاباً إلى فوزٍ بستة يضمن فيه التأهل للدور القادم بتاريخ بطولات الأندية الأوروبية.. في كل مباراة يخوضها برشلونة تتوقع منه أن يسجل أو يحطم رقماً قياسياً فكتيبةٌ يقودها أفضل لاعب أرجنتيني وأفضل لاعب برازيلي وأفضل لاعب أوروغوياني وأفضل لاعب إسباني قادرة على تحقيق المعجزات في زمن عزّت فيه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.