شعار قسم مدونات

ما بين السينما والتلفزيون

blogs - سينما

لطالما تردد هذا السؤال بكثرة بين صفوف الناس وخاصة بين أولئك المهتمين بالمجال الفني والإعلامي، تُرى ما الفوارق بين الأعمال التلفزيونية والأعمال السينمائية؟ وفي هذه المدونة نسلط الضوء على الفوارق بين العالمين المختلفين المتشابهين. في السابق كان هناك فوارق تؤخذ بعين الاعتبار، ومع مرور الأيام والتطور التكنولوجي بدأت هذه الحدود بين العالمين بالتضاؤل والاختفاء تدريجياً.

أولاً: مقاسات العرض وأنواع اللقطات المأخوذة 

في عالم السينما تُستخدم كاميرات مختلفة نوعاً ما عن الكاميرات المستخدمة في عالم التلفزيون حيث تستخدم كاميرا تُصور بدقة أعلى ما يعني مقاسات عرض أكبر مقارنة بتلك المستخدمة في الأعمال التلفزيونية على سبيل المثال كاميرات الـ 4k المعروفة دقتها باسم Ultra HD والتي تبلغ أبعادها 2160 X 3840 بيكسل هي الأكثر رواجاً حالياً في التصوير السينمائي. أما كاميرات التصوير التلفزيوني فتلك التي تصور بدقة Full HD أي بأبعاد 1920 X 1080 بيكسل.

وهذه إحدى الفوارق الرئيسة بين عالم السينما وعالم التلفزيون حيث يعود سبب اختلاف أحجام المادة المصورة لاختلاف مكان عرض كل منهما، حيث تعرض الأعمال السينمائية في صالات العرض السينمائية التي تعطي مساحة المادة المصورة حقها، في حين المادة التلفزيونية تعرض على شاشات التلفاز التي تستوعب حجمها. 
 

مع التقدم التكنولوجي وتطور أجهزة العرض التلفزيونية وغيرها، فلم يعد هناك فوارق بين السينما والتلفزيون من ناحية الكاميرات المستخدمة.

أما فيما يخص نوعية اللقطات المأخوذة، فبداية علينا أن نعرّف القارئ أن هناك ثلاثة أنواع من اللقطات المتعارف عليها في تصوير مادة الفيديو: 

1-Wide لقطة واسعة: وفيها يظهر الشخص مع محيطه.
2- Medium لقطة متوسطة: وفيها يظهر جزء واسع من الشخص مع جزء بسيط من محيطه.
3- Close لقطة قريبة: وفيها يظهر جزء محدود من الشخص كأعلى الرقبة وحتى أعلى الرأس أو كف اليد إلى آخره.

ونظراً لأبعاد مادة الفيديو السينمائية نرى أن اللقطات الواسعة والمتوسطة تكثر فيها، لأنها قادرة على استيعابها أما بالنسبة للتلفزيونية فنظراً لمحدودية المساحة نجد أن اللقطات القريبة Close Shots هي الأكثر تداولاً في المادة التلفزيونية.

كان كل ما سبق رائجاً في فترة زمنية ما، أما الآن ومع التقدم التكنولوجي وتطور أجهزة العرض التلفزيونية وغيرها، فلم يعد هناك فوارق بين السينما والتلفزيون من ناحية الكاميرات المستخدمة أو جهاز ومكان العرض أو أنواع اللقطات الفيديوية المستخدمة حيث أصبحت أجهزة العرض قادرة على استيعاب الأحجام السينمائية وعرضها وبالتالي لن يكون هناك معضلة من ناحية أنواع اللقطات المستخدمة واسعة كانت أم متوسطة.

ثانياً: الحوار 

وهنا سنتحدث عن نقطة من نقاط المقارنة بين السينما والتلفاز ولا يمكن اعتمادها كقاعدة ثابتة حيث في عالم الفن لا يوجد شيء محدد وثابت وإلا ما كان ليأخذ مسمى الفن.

نلاحظ في المادة التلفزيونية كالمسلسلات كثرة "الحوار" بين الشخصيات وهذا لا ينطبق على عالم السينما، حيث نلاحظ في عالم السينما من سمات الفيلم الناجح عند بعض الخبراء قلّة الحوار ووفرة العناصر المرئية التي من الممكن أن توصل المشاهد للمكان المراد له أن يصله من خلال ما يراه لا ما يسمعه وذلك يعتمد على براعة المخرج السينمائي، وتفوق المخرج السينمائي في هذه النقطة هو من أحد الأسباب الرئيسة التي قد تميزه عن باقي المخرجين. 

ثالثاً: السرد والتفصيل

يلاحظ في الأعمال التلفزيونية قلّة التصوير في الأماكن الخارجية أي خارج المنازل كالأسواق والحدائق والحارات وكثرة التصوير داخل أماكن مغلقة كالمنازل أو المحلات التجارية إلى آخره.

حيث تعتمد الدراما التلفزيونية على تعدد أشكال السرد وذلك بتعدد الأحداث الثانوية للقصة والمتضمنة مع الحدث الرئيس للعمل، أما الفيلم السينمائي فيعتمد على تعدد أشكال السرد لكن بشكل مدروس أكثر ووفق هيكل معين لكي يتوافق مع وقت الفيلم.

رابعاً: مواقع التصوير 

حيث يلاحظ في الأعمال التلفزيونية قلّة التصوير في الأماكن الخارجية أي خارج المنازل كالأسواق والحدائق والحارات وكثرة التصوير داخل أماكن مغلقة كالمنازل أو المحلات التجارية إلى آخره.
أما في عالم السينما -وهنا أيضاً- فلا يمكننا اعتبارها قاعدة رئيسة، لكنها أمر ملاحظ حيث يكون هناك غلبة لكفة الأماكن الخارجية على كفة الأماكن الداخلية. 

خامساً: عدد الكاميرات المستخدمة

وهذه المعلومة أيضاً ليست من الثوابت ولكن علينا أخذها بعين الاعتبار حيث يستخدم كاميرا واحدة في تصوير المشاهد السينمائية ولو أردنا أخذ مشهد من أكثر من زاوية يقوم الممثل بإعادة نفس المشهد بعد أن يتم نقل الكاميرا للزاوية المراد منها أخذ المشهد، أما في حالة التلفزيون فيستخدم أكثر من كاميرا أثناء التصوير المشهد.

إن الاختلاف بين السينما والتلفاز كان ملحوظاً في فترة زمنية معينة قبل التطور التكنولوجي والتقني الذي وصلنا إليه اليوم، أما اليوم فلم يعد هناك ذاك التمييز والاختلاف الذي يذكر ومما دعّم ذلك هو توجه عدد كبير من نجوم السينما إلى التلفاز وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكذلك الحال بالنسبة للمخرجين السينمائيين الذين نجدهم تارة يقدمون أفلاما وتارة يقدمون مسلسلات تلفزيونية ولكي ندعم فكرة اضمحلال الحواجز بين السينما والتلفاز سوف آتي إلى ذكر بعض المعلومات الهامة:

– ديفيد فنشر مخرج سينمائي أميركي قدم العديد من التحف السينمائية بالمقابل قام بإخراج عدد من الحلقات التلفزيونية للمسلسل الأمريكي الشهير House of cards 
– Sherlock مسلسل درامي بريطاني لم يقتصر عرض الجزء الرابع منه على شاشات التلفاز فقط بل تم عرضه أيضاً على شاشات السينما في بريطانيا. 
– نصيب الأعمال التلفزيونية من الجوائز في المحافل الفنية مثل جوائز الغولدن غلوب.
– توجه العديد من الممثلين السينمائيين في الغرب إلى الدراما التلفزيونية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.