شعار قسم مدونات

المتساقطون على طريق التحرير

blogs - palestine boy
يؤسفني فعلاً أن أعنون مقالي هذا وأبدأ بمصطلح "المتساقطون"، ولكن مع تقادم القضية الفلسطينية وتشعّب ملفاتها المعقدة، فإنه يثبتُ للعيان يوماً بعد آخر أنّ ذلك "التساقط" بات ظاهرةً خطيرة تهدّد مسارات عدة على طريق التحرير.

والقارئ لتاريخ القضية الفلسطينية المتمثلة بالانتداب البريطاني عام 1917 ومن ثم الإحتلال الصهيوني عام 1948 وما تلا ذلك من أحداث كان لها التأثير البالغ على المسار الاستراتيجي المرسوم إن كان لجهة مصالح الشعب الفلسطيني أو ضده، يجد أن التساقط كان بمثابة الفخّ الذي وقع فيه الكثيرين.

تمثّلت مظاهر التساقط بدايةً بقبول التفاوض والجلوس على مائدة المفاوضات مع كيانٍ اغتصب الأرض وانتهك العرض وطرد الشعب، والأنكى من ذلك القبول بهذا الكيان كشريك حقيقي في عملية السلام، والاعتراف به رسمياً وإعطائه الحق بوجوده على 76 في المئة من أرض فلسطين.

ومن مظاهر التساقط أيضاً، القبول بالتنسيق مع الكيان الصهيوني مستهدفين الشرفاء والمناضلين والمجاهدين، جاعلين من أنفسهم مخبرين لتحركات ثلّةٍ آمنت بأنّ ما أُخذ بالقوة لا يُستردّ إلا بالقوة، وأنّ تحرير الأرض لن يكون سبيله إلا بقتال العدو.

الشعب الفلسطيني في الخارج هو جناح الطائر الفلسطيني الثاني إلى جانب جناح الداخل، ولا يمكن لهذا الطائر أن يحلِّق إلا بهما ولا يمكن لعمل وطني فلسطيني أن يكون متكاملاً وناجحاً من دون أي منهما

كذلك من مظاهر التساقط، أن يحتكِر البعض لأنفسهم تمثيل شعبٍ قدّم التضحيات الهائلة، وعند قطف الثمار يأتي الممثل الشرعيّ ليكسر الأيدي والرؤوس! فلا صوت يعلو فوق صوت ذلك الممثل، فهو مقدّس وحذار على أحدٍ أن يتجاوزه أو أن يفكّر ولو للحظة بأن يكون البديل عنه، وعلى الجميع القبول به كما هو.

ومن مظاهر التساقط أيضاً، تلك الأصوات التي تتربّص بكافة الحراكات الشعبية أو الوطنية في سبيل تحريك المياه الرّاكدة التي أصابت القضية الفلسطينية لاسيّما مع بداية اشتعال الثورات في المنطقة العربية "الشرق الأوسط" عام 2011.. فما إن يقوم طرفٌ أو حركة أو تنظيم بخطوةٍ تُسجل لصالح القضية الفلسطينية بهدف إعادة الأنظار لهذه القضية، حتى تجد من يقضي نهاره الكامل عابثاً على مواقع التواصل الإجتماعي يعمل على تقزيم ذلك الحراك.

والتقليل من أهمية حراكٍ آخر دون أن يطرح البدائل، غافلاً عن كون ذلك خدمة لمشاريع الاحتلال ولو بشكلٍ غير مباشر.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو عن الغاية من كل ذلك! فبدلاً من تبخيس وطعن وجلد كل حراك، لماذا لا يكون هذا المغرد أو المغردة جزءاً منه، طالما أنه يخدم مصالح ستة ملايين فلسطيني في الشتات.

المطلوب اليوم أن لا نقع بفخّ تلك الثلّة من الناس، والعمل على ضرب كافة المشاريع التآمرية لإسقاط مشروع توحيد جهود الشعب الفلسطيني. كذلك تكاتف طاقات فلسطينيي الخارج مع الداخل، فالشعب الفلسطيني في الخارج هو جناح الطائر الفلسطيني الثاني إلى جانب جناح الداخل، ولا يمكن لهذا الطائر أن يحلِّق إلا بهما ولا يمكن لعمل وطني فلسطيني أن يكون متكاملاً وناجحاً من دون أي منهما.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.