شعار قسم مدونات

العنوسة اختيار.. فاختاري ما يناسبك

blogs- المرأة

صديقي أكمل الأربعين، للأسف حاول مرات متعددة الارتباط لكنه فشل، اليوم يقول لي إنه قرر أن يكمل حياته وحيدا، مازحته قائلة "لا يا رجل ا تعنس؟ كيف سينظر إليك المجتمع؟"، ضحك من كلامي وقال "أنا رجل، العنوسة مصطلح لسيق بكن أنتن النساء أما الرجال فالزواج بالنسبة لهم اختيار" قهقهت من جوابه درءا للغصة التي أصبت بها. لكن جوابه لا يختلف عن اعتقادات أغلب المغاربة والعرب بصفة عامة نساء ورجالا، والعجيب هو أنه وبحكم السائد في المجتمع كان هو المبادر هو من يتقدم للخطبة ومع ذلك لم ينجح في تكليل تجاربه بالزواج والظفر بشريكة، فماذا عسى المرأة أن تقول وهي التي حكم عليها أن تنتظر حتى يدق بابها، حينئذ فقط يمكنها أن تبدي رأيها أو تختار.
 

قرار أن تكمل حياتك وحيدا، هو قرار لا يعني بالدرجة الأولى الذكور، بل اليوم مع التحولات الاقتصادية والمجتمعية وما يشده العالم من ثورة في كل شيء، أصبحت العزوبة أيضا قرار بالنسبة للإناث، هناك البعض من النساء مقتنعات أن هناك أشياء أخرى في الكون تستحق أن تكتشف وربما الزواج يعطل هذه المهمة، وهناك البعض الآخر من خلال التجارب التي عايشتها لم تعد تقوى على تجرع المزيد من الخيبات "مع أنه لا يمكن الحكم على جميع الناس من خلال بعض التجارب"، وهناك من ترى أن خوض "مغامرة" الزواج تقترن بوجود حب كبير، وفئة أخرى من النساء يعشن هاجس الخوف من مؤسسة الزواج والالتزامات العائلة والمجتمعية، والقائمة طويلة..
 

تطالبون في الحق في الاختلاف، أوليست العزوبة اختلاف، أليست نمطا في الحياة، أليست اختيار وقناعة يصل إليها الإنسان بعد عدة تجارب؟!

ليس عيبا ألا تجد شريكا تكملي معه حياتك، ولا ينقص من إنسانيتك في شيء، ولا يجعل مواطنتك ناقصة، ولا يحجب أنوثتك، لكن العيب هو أن يمارس عليك أفراد المجتمع الضغط ويجعلوا منك حالة شاذة، أو أنك خرقت قانون الطبيعة، وكلما شاهدوك يتأسفون لحالك، ويكثرون من الدعاء لينزل الله معجزة لينقذك من هذا القدر "القذر"، ويرأفون لحال أسرتك الذين لازالوا يتحملون عبئ أنثى في البيت بعدما "تجاوزت سن الزواج".
 

لكن هل فعلا للزواج سن؟
هذا التساؤل مشروع، وأجده هو لب المشكلة، هل فعلا للزواج سن؟ ومن حدد هذا السن ليصبح قاعدة تصنف المرأة، لمرأة نافعة وغير نافعة، يضحكونني من يتبجحون بقول إن الحياة ليست بعدد السنين لكن بعدد التجارب، ويصلون للزواج ويلغى كل شيء، وتصبح حياة المرأة رهينة بسنها وهل تزوجت في الوقت المحدد من عدمه، كأن فلك الكون كله يدور حول الارتباط، تجد الأنثى متفوقة في عملها ودراستها ومكانتها الاجتماعية، لكن هذا كله في كف والزواج في كف آخر، أما الرجل فهو لا يفوته القطار بلغتهم، حتى لو بقى في عمره ثواني فهو صالح للنكاح.
 

ما يزعج أكثر هو أن النساء أول من يحاكمن بنات جلدتهن، تحكي إحدى صديقاتي، أنها قاطعت أعراس العائلة، فقط لأنها لم تعد تحتمل سماع تعليقات تجعلها تشمئز من حالها. وصديقة أخرى متزوجة تشاجرت مع زوجها فذهبت تشكي همها لأمها فقالت لها "هو من أنقذك من العنوسة".
 

تطالبون في الحق في الاختلاف، أوليست العزوبة اختلاف، أليست نمطا في الحياة، أليست اختيار وقناعة يصل إليها الإنسان بعد عدة تجارب، أليس الزواج ارتباط روحي ومن تاهت منه روحه كيف تطالبونه بالزواج؟ لو كان الارتباط تقصدون به مشاركة رجل لامرأة السرير والبيت والمسؤوليات والالتزامات العائلة هذا يمكن أن تحققه بشريك في السكن وانتهى الأمر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.