شعار قسم مدونات

ماهية التفكير القانوني

blogs - قانون
يمكن تعريف التفكير القانوني بكونه ذلك التمشي الفكري الذي يحمل في جوهره دلالات الموضوعية، العقلنة والمعقول. فهو ذلك الفكر الذي يجسد لحظة التخلي عن النزعة الذاتية بما هي إقصاء لجل الاعتبارات، التوجهات والمواقف الشخصية، ليتجلى لنا معطى التفكير الموضوعي. كما أن الفكر القانوني يقتضي الاعتماد على منهج منطقي وعقلاني قائم على جملة من المراحل والتي تجلت بأساس في مرحلة التحليل، النقد وتقديم الحلول المناسبة أو البديلة.

وضمن هذا التمشي، فإن هذا التفكير يحمل في طياته بعدا فلسفيا يكمن في مدى قدرته على طرح جملة من التساؤلات والإشكالات، وذلك لهدف تدعيم وتعزيز الترسانة القانونية عن طريق تخليصها من التناقضات، الثغرات والنقائص بما هي تهديد للمنظومة القانونية التفاعلية، ليتجلى لنا بذلك الدور الحمائي لهذا الفكر.
 
وضمن هذا السياق، فإن خصوصية الفكر القانوني مكنت من انبثاق وإرساء نصوص قانونية منسجمة ومتناغمة قائمة على التفاعل لا التناقض، والتي بدورها تهدف لتنظيم العلاقات والظواهر الإنسانية من جهة وحماية المصلحة العامة من جهة أخرى بما هي أساس استمرارية المجتمعات الإنسانية.

وتجدر الإشارة إلى أن خصوصية هذا التفكير، موضوع المقال، مهدت لبروز أحكام قضائية خلاقة، بماهي إثراء للفقه القضاء خصوصا و الصرح القانوني للمجتمع عموما، حيث أن وظيفة القاضي تمثل أرقى تجسيدات الموضوعية والعقلنة، الغاية منها تحقيق العدالة والإنصاف.

إلى أي مدى ساهم التفكير القانوني لدى المجتمعات العربية في تطوير الترسانات القانونية وتحديث أهدافها؟

بالإضافة إلى ذلك، فإنه لا يمكن إنكار الدور الهام الذي أنيط بعهدة الفقهاء وخبراء القانون والباحثين الذين شاركوا فعليا، بطريقة مباشرة وغير مباشرة، عن طريق مقالاتهم، انتقاداتهم ودراساتهم، في تشييد المجال القانوني من خلال الـتأثير على سلطات اتخاذ القرار واقتراح التحسينات والحلول الضرورية في هذا المجال، سالف الذكر.

وعليه، فإن ما يحتاجه الصرح القانوني هو فكر خصب يحمل في بنيته دلالات الإبداع والتحديث بغية تطوير القواعد والأحكام القانونية لتتماشى مع المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في كنف بعد استشرافي، الأمر الذي يساهم في ترسيخ معطى الوعي لدى شرائح المجتمع مما يؤسس لبلورة مفهوم الثقافة القانونية.

وأخيرا فإن دلالات الموضوعية، العقلنة والمعقول من شأنها أن تساهم في إثراء وظائف القانون عن طريق تفعيل البعد التشاركي والإنساني، حيث إن دور القواعد والأحكام ومختلف النصوص القانونية لا يقتصر علي التأطير، التنظيم، الردع والحماية، وإنما يهدف لتفعيل دور المواطن من خلال توفير مناخ قانوني ملائم للإسهام في صلب الحوارات والنقاشات التي يكون فيها طرفا، الأمر الذي يؤسس تدريجيا لتكوين ثقافة قانونية قائمة على التشارك والتفاعل لا التهميش والتغيب، ليتمظهر لنا بذلك مفهوم أنسنة القانون باعتبار أن كل ما هو إنساني يعد تجسيدا لماهية ما هو قانوني.

فإلى أي مدى ساهم التفكير القانوني لدى المجتمعات العربية في تطوير الترسانات القانونية وتحديث أهدافها؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.