شعار قسم مدونات

داعش بوابة السياسات المشبوهة!

blogs - isis
قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، منح الجيش مهلة 30 يوماً لوضع استراتيجية شاملة وخطط لهزيمة تنظيم داعش وإعداد قائمة بمقترحات تهدف إلى تجفيف منابع تمويل المتطرفين. إلى جانب المكالمة الهاتفية التي دارت بينه وبين بوتين حول التعاون الثنائي لدحر تنظيم داعش، في سبيل أن يكون العالم أكثر سلماً، يكشف عن عزم ترمب خوض معركة جديدة ضد التنظيم بأهداف متجددة تتشابه مع أهداف التحالف الدولي في إطارها العام، وتختلف في مضمونها الداخلي.

فهذا القرار يعود بالذاكرة إلى 2014 عندما أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن قيام التحالف الدولي بقيادة الأمم المتحدة، للحرب ضد تنظيم داعش، تلك الحرب الهامشية التي طال أمدها، بإرادة دولية، تمثلت في إعلان التحالف بعد أسبوع من قيامه أن الحرب على التنظيم لا يمكن أن تنتهي في غضون أيام، بل تتطلب سنوات حتى يتم اجتثاث جذور جماعات الظلام، ولعل الدول التي انسحبت من ذلك التحالف استوعبت تماما أن إطالة أمد الحرب على هذه العصابات الدموية، يعني مزيداً من حصد أرواح الأبرياء الذين ابتلوا بظهورها على أراضيهم، وهل يستوعب العقل أن تنظيما حديث التكوين ـ لا يمتلك الأدوات الكافية لخوض الحروب ـ يصمد في وجه قوى عظمى؟!

غياب النتائج وإطالة أمد الحرب بهذه الصورة، يقضي على تطلعات شعوب المنطقة في التخلص من هذه الآفة المدمرة، التي عثت في الأرض فساداً، واستباحت دماء الأبرياء، وروعت الآمنين، ويعطي الضوء الأخضر لاستمرار الوجود العسكري الأمريكي في ساحة المنطقة، بهدف توسيع نفوذها، وبقائها وقتاً أطول تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، ولعلنا نلحظ ذلك في التناقضات العجيبة التي تفرضها مجريات الأحداث وتصريحات المسؤولين في هيئة الأركان الأمريكية المشتركة.
 

الحلول العالمية الرامية إلى إطفاء نار الحرب في منطقة الشرق الأوسط وتسوية الخلافات بين دول المنطقة.. تفقد صوابها ومصداقيتها، إن دخلت عبر بوابة داعش.

على سبيل المثال لا الحصر يقول رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مارتن ديمبسي في تصريح له "إن المعركة مع التنظيم بدأت تؤتي ثمارها"، بينما لم نر أي بوادر توحي بحقيقة ذلك التصريح، فالتنظيم لا يزال قائماً ويتوسع في عملياته، ويزيد من مذابحه يوما بعد آخر، ليؤكد استقلاله لإشارة التحالف بأن القضاء عليه يستغرق وقتاً طويلاً، وهنا نتساءل هل القوى العظمى التي تتلبس بالأمن الشرق أوسطي، تنفذ أجندة ساعدت على توسع أذرع التنظيم؟ وهي ترمي إلى جني ثمار الحرب على حساب أمن واستقرار شعوب المنطقة.

ولذات السبب نفسه دخلت القوات الروسية إلى الأراضي السورية، وظلت لأشهر تمطر الشعب السوري بالصورايخ تحت غطاء الحرب على داعش، تحسبا لردات الفعل العالمية، حتى جست نبض المنظمات الدولية المتخاذلة، وأزاحت الستار عن خططها وأهدافها، ولكن بعد أن قطعت شوطاً وضمنت نفسها كلاعب أساسي في الأزمة السورية.

وكما يبدو أصبح هذا التنظيم بوابة ولوج السياسات الدولية الطامعة، في مقدرات الشرق الأوسط، وأضحى يلبي مصالح دول على حساب أخرى، إما لأنه صناعة سياسية أريد له أن يكون جسر عبور.. أو أوجدته عقول متشددة تجهل تعاليم الدين الإسلامي بهدف الجهاد ضد الكفار، ثم تسابقت على دعمه القوى السياسية العالمية والإقليمية، لاستغلاله وتوجيهه إلى أهدافها الخاصة. وهذا التحول السريع في الأهداف يكشف مدى هشاشة القاعدة التي انطلق منها التنظيم.

منعطف أخير..
الحلول العالمية الرامية إلى إطفاء نار الحرب في منطقة الشرق الأوسط وتسوية الخلافات بين دول المنطقة.. تفقد صوابها ومصداقيتها، إن دخلت عبر بوابة داعش..هذه البوابة العالمية التي تلج إلينا من خلالها السياسات المشبوهة، لأننا لم نر نية أغلب دول العالم الصادقة في القضاء على هذه الجماعات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.