شعار قسم مدونات

لا أحد يكاتب الكولونيل

blogs - ماركيز
لا أحد يكاتب الكولونيل أو في ترجمات أُخرى ليس للكولونيل من يكاتبه، هي رواية للأديب العالمي الكولومبي جابرييل غارسيا ماركيز، الحائز على جائزة نوبل للأدب. لا أحد يكاتب الكولونيل، بعضهم يراها قصة طويلة وليست رواية، وهي من الأعمال التي كتبها ماركيز قبل عشر سنوات تقريباً من روايته الشهيرة مائة عام من العزلة.
لا أحد يكاتب الكولونيل؛ تحكي عن قصة كولونيل مُحارِب شرس وسياسي وزعيم حِزبي، حارب بضراوة إبان فترة خدمته العسكريّة وبأمانة تامة ، فلم يتعدى على أموال الجيش التي كانت تحت تصرفه، لكن للأسف ظلّ ينتظر خمسة عشر سنة راتب التقاعد، يومياً يقف على موظف البريد عشماً في أن يجد رسالة أو طردا يحمل راتبه التقاعدي.

الكل أدارَ ظهره له، فلم يجد غير زوجته العجوز المريضة بالربو التي صبرت معه على ضنك الحياة ومُر العيش، وتقاسما مرارة فقد ابنهما "أوغستين" الذي طُعِن في حلبة مصارعة الديوك بعد أن كان يشارك بديكه في المصارعة، وفِي الوقت نفسه يوزّع بيانا سريا.

مات الابن مطعوناً وترك أبا قد صدئت براغي دماغه من التفكير في أمور الحياة، وأم عجوز فتّتَ الربو جسدها، وترك لهما ديكاً يعتبر أقوى ديك في القرية، وبقيا يطعمانه من طعامهما حتى يحافظا على تاريخ ابنهما وحبه لمصارعة الديوك والمغامرة.

حُفيت أقدامه من اللهث وراء المحامين، وعندما تبيّن له أن قانون التقاعد أصبح مصدر تقاعد مدى الحياة… أصبح أشدّ حباً للديك الذي تركه له ابنه، ولو باعه لعاشا بثمنه 3 سنوات

رفيق الكولونيل الثري دون ساباس الوحيد من زعماء حزبه، الذي لم يتعرض للاضطهاد، وعاش حياته في القرية آمناً موفور الكرامة من صفقاته الباطلة واستعمال الطرق الملتوية الفاسدة، الأمر الذي يرفضه الكولونيل، عندما قصده الكولونيل من أجل مساعدته، طلب منه أن يبيعه الديك وعرض عليه مبلغا يساوي نصف ثمن الديك، هنا تتجلى دناءة رفيقه دون ساباس.

ظروف الكولونيل وتاريخه المشرّف، وطعن ابنه، تحكي عن الشرفاء الذين يلقون جزاؤهم عندما يُحكِم الفساد قبضته.

من الرواية:
"كان الكولونيل يفكر بمعاشة التقاعدي، الذي قضى نصف عمره يطالب به دون جدوى: منذ تسع وعشرين سنة أصدر الكونغرس قانون التقاعد. ولم تضعه الحكومة قيد التنفيذ بل ظلت ثماني سنوات. ثم إنه أمضى ست سنوات يعمل دون كلل، حتى تمكن من ضم اسمه إلى قائمة قدماء المحاربين، وتلقى رسالة تضمنت الموافقة على طلبه، وكانت آخر رسالة يتلقاها، ومنذ خمس عشرة سنة وهو ينتظر رسالة ثانية تتضمن حوالة مالية، دون جدوى. حُفيت أقدامه من اللهث وراء المحامين، وعندما تبيّن له أن قانون التقاعد أصبح مصدر تقاعد مدى الحياة للمحامين، أصبح أشدّ حباً للديك الذي تركه له ابنه أوغستين، ولو باعه لعاشا بثمنه ثلاث سنوات"… "في شهر أكتوبر أشعر أن أحشائي مسكونة بالأفاعي"… الكولونيل يكره شهر أكتوبر.

ستظل هذه الرواية تمشي في الناس، كشأن كل كتابات العملاق اللاتيني الرهيب ماركيز.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.