شعار قسم مدونات

تجارة الانتخابات ومصير الشباب

الدين والديمقراطية ..

دائماً ومع قرب الانتخابات تظهر عند بعض الطماعين والعابثين بعقول الشعب تجارة خاصة وهي تجارة الانتخابات، روادها علية القوم، ورأس مالها أصوات الناخبين، والسلعة عقول المواطنين، ولكن وللأسف تحدث دائماً ويكرر المواطن البسيط نفس الخطأ، وتجده يوافق على التصويت لمترشح لا يعرفه عنه شيئاً الا أنه ظهر في موسم الانتخابات كالبطل على رأس قائمة، تجده ينفق الأموال لحصد مقعد في البرلمان أو غيره ليجني له راتبا ليعيش مرفهاً حسب ظنه.

 

ولو أن هؤلاء لم يجدو من يصغوا لهم لما تجرأوا لهذا النوع من التجارة حتى وإن كان وراء عمل تجاري كتسويق حملة انتخابية لمرشح ما، فهذا نوع من الموافق على العمل الذي يقوم به المترشح إلا إذا كان يعلم أن المترشح نزيه وذو كفاءة يقدر بها نيل ذلك المنصب، لأنه أمانة أمام الله وحتى وإن كان الشخص ذو قرابة أو شريك مصلحة، ففي حديث خطير لرسول الله روى عن عمر بالخطاب رضي الله عنه " مَن اسْتعملَ رجلاً لِمَوَدَّة أو لِقَرابَةٍ، لا يستعمِلُه إلاَّ لذلك؛ فقد خانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ والمؤمِنينَ"، رواه ابن أبي الدُّنيا، وأما الذي يقبلون شراء أصواتهم فذلك أخطر فقد قال الحبيب "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، منهم .. ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه لم يفِ" رواه البخاري ومسلم.
 

 الإنسان الذي هيأه الله لحمل أمانة عجزت السماوات والأرض عن حملها أيعجز أن يحمل نفسه على تغير شيء ولو بسيط في وطنه؟! ولكن الفراغ الروحي والعقلي للشباب هو الذي فرغهم من جوهرهم المكنون في أحشائهم .

ودائما ألقي اللوم بالدرجة الأولى على المواطن لأنه في الحقيقة ليس له علاقة بالسياسة وشؤون بلاده سائر الوقت، فكيف يعرف الصحيح من الخطأ وقت الانتخابات؟ فكيف يعرف الذي يصلح لبلاده والذي لا يصلح؟ فكيف يعرف أنه إذا صعد تجار الانتخابات إلى الحكم سيفسد العباد والبلاد؟ 

لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين.. لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين،
فالذي يقول خاطيني سياسة فلا يلومن إلا نفسه في دنياه وفي دينه أمام الله، والذي يؤلمني أكثر إذا قالها رواد المساجد والجامعيين، فمن يهتم بأمر جزائرنا الحبيبة بالله عليكم ؟ وإذا كان الذي يصلي يقول لك أنا لا دخل لي وعندي مشاغلي ووظيفتي ودراستي والجزائر لا تتغير.. وإذا اردت أن تغير يقول لك ماذا تغير؟! الكل مخروب في الجزائر ..
لماذا أصبحنا محبطين لهذه الدرجة وديننا دين التفاؤل؟!
لماذا أصبحنا يائسين لهذه الدرجة ونحن خير أمة أخرجت للناس؟!
هل ننتظر أصحاب الشوارع والمقاهي أن يسعوا إلى إصلاح وطننا الغالي أم ننتظر من النظام الذي لازال يطالبنا بالتقشف.

وأن الإنسان الذي هيأه الله لحمل أمانة عجزت السماوات والأرض عن حملها أيعجز أن يحمل نفسه على تغير شيء ولو بسيط في وطنه؟! ولكن الفراغ الروحي والعقلي للشباب هو الذي فرغهم من جوهرهم المكنون في أحشائهم و لن يستخرجون حتى يدركوا قيمة الإنسان المسلم الجزائري، والله ثم والله ما الإنسان الياباني الذي أخرج بلاده من الظلمات إلى نور المصانع و السيارات والتكنولوجيا، ولا الإنساني الألماني الذي حول المانيا من خراب الحرب العالمية إلى دولة من أكبر دول العالم صنع للسيارات، ولا الإنسان التركي الذي أخرج بلاده من أزمة السدود والمياه حتى كان المواطن التركي يلهث وراء المياه بالبراميل فأصبحت اليوم تركيا من أقوى اقتصادات العالم، والله ما هو خير من الجزائري إن عرف موطن قوته فلابد عليه أن يخوض غمار المعارك مرها وحلوها في الاقتصاد والإعلام والسياسة.
 

ونركز على السياسة لأنها أصبح 80 بالمئة من تسير شؤون البلاد وإذا أصلحت صلحت البلاد وإذا فسدت فسدت البلاد، و لم ولا ولن تصلح السياسة إلا إذا أصلحها الفرد بإشراك نفسه بالرأي و النقد في مصالح الحكم في بلاده، أما إذا أراد أن يدخل في الاقتصاد وعرقلته الحكومة في أمور الإنتاج و سلم بالأمر وقال لا دخل لي هذه سياسة فليس هذا النوع الذي نريده، أما إذا أراد أن يلتزم بتعاليم دينه وعرقلته الحكومة بإصدار قوانين غربية في الأسرة وغيرها ثم سلم الأمر وقال لا دخل لي هذه سياسة فليس هذا المواطن الذي نريده، وأما إذا أراد أن يختار من يحكمه ويمثله ثم وجد التلاعبات و نفاق المترشحين وتزوير المنظمين وسلم الأمر وقال لا دخل لي هذه سياسة فليس هذا المواطن الذي نريد.

وقد رسم المشهد نجم الدين أربكان صانع أولى خطوات نهضة تركيا فقال "إذا تخلف الإسلاميون عن السياسة حكمهم سياسيون لا يهتمون بأمور الإسلام"، وقال علامتنا الإمام عبد الحميد بن باديس "لا إصلاح اجتماعي إلا بإصلاح سياسي"، ويقول "لا بد لنا من الجمع بين السـياسة والعـلم، ولا ينـهـض العـلم والدين حق النهوض إلا إذا نهضت السياسة بحق".

وعندما يترشح كبار السن ولا يتركون المجال للشباب يقول الشباب معاتبين "الشيوخ تربعوا على الكراسي" والحقيقة هل إذا تقدم الشباب الذي لا يهتمون بالسياسة يقدرون على إدارة البلاد، وإدارة البلاد كلها سياسة خالصة من ألفها إلى باءها؟ وهل يقدر الشاب الذي كان يقول لا دخل لي هذه سياسة أن يسر البلاد؟ واقع بلادنا ومجتمعنا يؤسف ولكن مستقبلنا مشرق ولتعلمن نبأه بعد حين.
 

على الإعلاميين وأغلبهم شباب أن يركزوا على الوعي والفكر لا على الربح والتجارة والشهرة وكأن عقول الشعب سلعة يتاجرون بها، فالإعلام خطوة تدفع النهضة دفعاً قوياً.

وحتى لا يكون مقالي كلاماً باللسان، أقترح أفكاراً تطبيقية أخص بها نفسي أولا ثم الشباب لعل الله يغير حالنا هذا الى احسن حال:
1- اهتمام الشباب بالبناء الذاتي بالعلم والتربية الصحيحة بزيارة مجالس العلم ومطالعة الكتب القيمة وإن صعب اتخاد برنامج مشاهدة المرئيات والإنترنت تسخر بذلك.

2- الحرص ثم الحرص على أصدقاء يحملون همك للتغيير، فالتغيير ليس تغيير الملبس والجسد وإنما تغيير الفكر والوعي.

3- اهتمام الشباب بكل مجالات الحياة ولا يقتصر على الرياضة والفن والكوميديا والضحك، فالاهتمام خاصة بالسياسة والتربية.

4- أن يحمل كل شاب هم إنجاز مشروع ولو بسيط يكسبه مهارة حب الإنجاز لأن البلاد لا تنهض إلا بالمبادرات والإنجازات.

"توجد قنوات خاصة على التلغرام ترشدك لأفكار تجارية مميزة".

5- ألا يبذر الشباب أموالهم في اللباس وثانويات الحياة وأن يسخروها للعلم والنهضة.

6- على الإعلاميين وأغلبهم شباب أن يركزوا على الوعي والفكر لا على الربح والتجارة والشهرة وكأن عقول الشعب سلعة يتاجرون بها، فالإعلام خطوة تدفع النهضة دفعاً قوياً، فمراحل الإصلاح كما رسمها أبو حامد الغزالي "تغير المجتمع من الغياب إلى الحس ومن الحس إلى الوعي ومن الوعي إلى التطبيق"، في الإعلام يمكنه أن يقود مرحلة الحس والوعي والتطبيق يأتي تحصيل حاصل.

7- الإدراك المبصر بالخطر الذي يهددنا من الداخل والخارج فإن لم نُخطط فاعلموا أنه يُخطط لنا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.