شعار قسم مدونات

الروهينغيا تاريخ من الظلم والقهر

blogs - روهنجيا
في بورما وتحديداً في ولاية أراكان جنوب غرب البلاد، تعيش الأقلية الروهينغية المسلمة، ومصطلح الروهنغيا قد اختلف في أصله، فبعضهم يقول إن سفينة عربية تحطمت بالقرب من جزيرة رامري بها تجار عرب، وقد أمر ملك أراكان بإعدام التجار العرب الذين كانوا يصيحون: "الرحمة الرحمة"، فأطلق على هؤلاء الناس اسم راهام، ومع مرور الزمن تبدل المصطلح إلى رهوهانج ثم روهنغيا، وبعضهم الآخر يقول إن مصطلح مروهاونج "مملكة أراكانية قديمة" قد حرّف إلى روهانج، وبالتالي فإن سكان تلك المنطقة سموا بالروهنغيا، وبعضهم يقول إن مصطلح الروهنغيا لم يكُن موجوداً من الأساس، ويبلغ عدد مسلميها 800 ألف مسلم حسب إحصائيات رسمية أجرتها حكومة بورما عام 2012.

ظهرت مستوطنات المسلمين في إقليم أراكان منذ القرن الثامن ميلادياً عن طريق البحارة العرب المسلمين، والذين أثروا في ديانة الإقليم بفضل حسن معاملتهم للتجار البوذيين هناك، وسرعان ما انتشر الإسلام في الإقليم، وأصبح للمسلمين أماكنهم بين الأغلبية البوذية الحاكمة، وظل ذلك حتى أوائل القرن الـ١٤ ميلادياً، حيث تعاون نراميخلة سليم شاه صاحب الديانة البوذية مع حاكم البنغال المسلمة، وقام بتكوين جيش، وأسقط حاكم بورما البوذي الديانة آنذاك. وبعد أكثر من 20 عاماً من توليه الحكم، أشهر نراميخلة إسلامه وأعلن دولة إسلامية مركزها إقليم أراكان، وشهدت فترة حكمه توسعات كبيرة.

في عام 2012 أعلن رئيس بورما أنه لا مكان للروهينغا المسلمين في ولاية أراكان، وأنه يجب طردهم منها، وفي هذه الأيام يتعرض مسلمو الروهينغا للاضطهاد بكافة أنواعه وأشكاله.

ظل توالي السلاطين المسلمين حتى أواخر القرن السابع عشر ميلادياً، حينما قام الملك بودوبيه البوذي باحتلالها وإسقاط الحكم الإسلامى فيها، وارتكب أبشع المجازر ضد مسلمي الإقليم، من تهجير واعتقال للآلاف منها، وهدم للمساجد ومحو كل ما هو إسلامي، مما اضطر كثيرا من المسلمين إلى الهجرة القسرية إلى البنغال المسلمة.

وبعد وقوع شبه القارة الهندية تحت الاحتلال البريطاني عمل الاحتلال على نشر أعمال العنف والكراهية، وإثارة الفتنة بين البوذيين والمسلمين، والتي كانت تنتهي دائماً بخسائر مادية وبشرية في صفوف المسلمين، واستمرت أعمال الإبادة الجماعية للمسلمين من قِبل البوذيين على مر العصور.

وفي عام 2012 أعلن رئيس بورما ثين سين أنه لا مكان للروهينغا المسلمين في ولاية أراكان، وأنه يجب طردهم منها، مما زاد من حدة الأزمة إلى وقتنا هذا، وفي هذه الأيام يتعرض مسلمو الروهينغا للاضطهاد بكافة أنواعه وأشكاله، حيث يتم منعهم من أداء شعائرهم الدينية وهدم مسجدهم، ومنعهم من فريضة الحج وذبحهم للأضاحي، ومنعهم من ممارسة الدعوة، وقتلهم لكبار أئمة المسلمين.

وسُجلت مؤخراً عمليات اغتصاب جماعي للنساء المسلمات، وسط ترقب من الأمم المتحدة وبعض المنظمات الحقوقية التي لم تقدم حتى الآن حلولاً ملموسة للوضع الحالي للمسلمين هناك، وما يتعرضون له من محو للهوية الإسلامية من الإقليم الذي لطالما حمل لقرون عديدة حضارة إسلامية عريقة امتدت لأكثر من قرنين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.