شعار قسم مدونات

إلى الباحثين عن السعادة

blogs - happy

السعادة المستمرة التي لا تزول هي تلك السعادة النابعة من المصدر الحقيقي للسعادة، وليست السعادة الواهية الزائفة تلك التي تنبع من داخل الإنسان لا من الخارج، وهي أيضاً ليست بتلك التي ترتبط بالشهوات، ولا بالمال أو المنصب أو الجاه أو العزوة أو أياً كان. فهناك من يصنع السعادة من أبسط المكونات، ويستمتع بحياته بالرغم من بساطتها الشديدة، وقد يكون أكثر استمتاعاً من ذلك الذي يملك كل شيء، فليس هناك مقياس للسعادة ولا يمكن أن نربطها بما حققه الإنسان من ثراء أو مجد أو غيره من معطيات الدنيا. إن السعادة صناعة داخلية تختلف من شخص لآخر، ولا يمكن أن نحدد مقوماتها أو أسبابها.

السعادة المستمرة التي لا تزول هي تلك النابعة من المصدر الحقيقي للسعادة، وليست السعادة الواهية الزائفة تلك التي تنبع من داخل الإنسان لا من الخارج!

وكأن "السعادة هي عادة" يعتاد الفرد عليها عادة الاستمتاع بالأشياء، عادة إدخال البهجة والسرور على كل من حوله، عادة مساعدة الأرامل والفقراء والمساكين، عادة حب الخير للناس كافة، سنكون أكثر سعادة حين نتخلى عن كبريائنا وتعاظمنا. لا تفكر في كسب المال والثروات لكي تكون سعيداً، فهناك مئات الدراسات التي تؤكد أنه في حالة توفر أساسيات الحياة، فإن أي زيادة في الدخل المادي لا تؤدي إلى سعادة أكبر، بل دراسات عديدة تؤكد أن المادة يمكن أن تسهم في سعادة أكبر وصحة فقط في حالة التبرع بها لإسعاد الآخرين.

وتؤكد دراسات أخرى عديدة أنك إذا أردت سعادتك وصحتك فلا تغرق نفسك في الماديات، وإنما ساهم في إسعاد غيرك. هذا وأثبتت دراسات مدعومة بتطبيقات عملية لشركات كبيرة أنه على قدر اهتمام الشركات والمؤسسات ببرامج المسؤولية الاجتماعية على قدر زيادة أرباحها السنوية.

الإرادة هي السبب الحقيقي وراء السعادة
نعم يا صديقي.. إرادتك هي سبب سعادتك أو تعاستك فلا أحد يستطيع أن يغضبك أو يحزنك دون إرادتك. ما تحس به في داخلك من مشاعر سلبية ليس بسبب ما يحدث حولك، ولا برسالة منتقصة، أو ازدراء عابر، أو ظن سوء من بعيد، أو جفاء من قريب.. كلا يا صديق.. ما يحدث في داخلك هو بسبب تحليلك أنت للأمور من حولك، وعندما تغير طريقة نظرك للأحداث ستتغير مشاعرك، وتهدأ انفعالاتك حتى بالنسبة للحدث ذاته.

أن السعادة التي لا تزول، هي التي تصنعها أنت لنفسك لا تنتظر من الاَخرين أن يجعلوك سعيداً فيقول وليد فتيحي "أدركت أن سبب تعاسة معظم أهل الأرض هو تصورهم الخاطئ أن السعادة تأتي من الخارج، تأتي من أشياء نفعلها، نقتنيها"، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة وخطر عظيم، لأنك بذلك ستنتظر من العالم أن يحقق لك هذه السعادة، ولكن العالم لا يستطيع ذلك، وهذا سبب الإحباط الدائم والتعاسة التي يعيشها الناس. قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" النحل: 97

فالحياة الطيبة السعيدة مرتبطة بعملك أنت، أنت وحدك يا صديق. إذا أردت سعادة دائمة فلا تنتظرها من أحد، وأبحث عنها أو حوِّل كل شيء من حولك إلى شيءٍ مبهج يجعلك سعيداً.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.