شعار قسم مدونات

التعبير الكتابي والإنشاء.. زمن يا فن

blogs- writing

هل سبق لك وأن فتحت صفحة بيضاء على حاسوبك لتدون؟ أو فقط ورقة وقلم لتحاول؟ تدون أول شيء يجول في خاطرك؟ لربما تكتشف كاتبا نائما في مكان ما بداخلك؟

إذا كان الجواب نعم، فهنيئا لك! أنت من الناس الذين اكتشفوا الدرب الصحيح لمعرفة أنفسهم، الذين علموا أو لم يعلموا بعد أن هذه المرحلة هي الباب الفاصل بين حب التعلم والمعرفة وبين مشاركة الأفكار مع المحيط، وهذه الخطوة بحد ذاتها غاية!

أما إذا كان جوابك بالنفي، فعن تجربة أقول إنك لازلت ضائعاً ولم تجد نفسك بعد، وصدقني أن أول جملة ستسطرها يديك بنية أن تكتب شيئاً ستثبت لك ذلك.

ربما تجاوبني وتقول، أنا لا أعاني من الضياع إطلاقاً، فأنا شخص ناجح في عملي وحياتي الشخصية، متعلم ومطلع ولا أشعر بالرغبة في التدوين مطلقاً لأني وبكل بساطة لا أحتاجها.
 

 حسناً إذن، سأذكرك بمرحلة مررنا بها جميعاً، مرحلة التعبير الكتابي والإنشاء في المدارس، عندما تطلب أستاذة اللغة أن نكتب عن موضوع معين في ظرف وجيز وفي عدد محدد من الأسطر ومقابل علامات تحصل عليها إذا نجحت في المهمة..

 

لا يهم إن كان أسلوبك في الكتابة متواضعاً، فهو مع الوقت سيتحسن لأنك تتعلم، ولا يهم إن كانت أفكارك تثير اهتمام الآخرين، لأنك تكتب لنفسك قبل كل شيء.

جميعنا كنا نكتب تحت ضغط رهيب ونحاول أن نعصر من أذهننا أفكاراً (أنا شخصياً كنت أحفظ عبارات كاملة مستعملة حتى أكتبها وأذهل الأستاذ بأسلوبي اللغوي)، وتفرح كل الفرح عندما يعلن الأستاذ لباقي زملائك بالحصة أنك كتبت نصاً تعبيرياً مدهشاً ويطلب منك أن تقرأه بصوت مرتفع ليسمعك الجميع، ألم يكن شعورك مذهلا حينها؟ أؤكد لك أن سبب الفرح الأساسي كان مشاركتك لزملائك القصة، ولو لم تشاركهم، لكانت سعادة مؤقتة بسبب علاماتك وكانت ستزول سريعا..

إذن مادامت الأغلبية كانت تكتب في مرحلة من المراحل، بغض النظر عن أنه كان إجباراً في المدرسة، لماذا التوقف؟ هل لأنه لا يوجد مقابل أو وقت أو إلهام أو كل تلك الأعذار؟ لا أظن ذلك، إنه فقط ليس سلوكاً معتادا، ولو يعرف الجميع ما ذا يأتي وراء الكتابة لصارت سلوكاً يومياً، وليس من الضروري حتى مشاركته، بإمكانك أن تكتب أحلامك وأفكارك ويومياتك وتكون سعيداً ومطمئناً دون الحاجة لعلم أحد، وهذا وحده كفيل بتعزيز حيويتك وتحسين نفسيتك ومساعدتك في التركيز على الأهداف..

أفكار سيئة؟ دونها، أحلام جميلة؟ دونها، موقف أو حادث؟ دونه، دون كل شيء وسترى الفرق، ستستغرب من الكاتب الذي كنت تتجاهله دائما يصحو فيك، كان نائماً بسببك والآن سيصحو ويقف بجانبك.

لا يهم إن كان أسلوبك في الكتابة متواضعاً، فهو مع الوقت سيتحسن لأنك تتعلم، ولا يهم إن كانت أفكارك تثير اهتمام الآخرين، لأنك تكتب لنفسك قبل كل شيء وتحرر أفكارك المسجونة والمتراكمة للوجود، دوّن وأثبت وجودك لنفسك قبل كل شيء.

إذا كنت تملك بعضاً من دفاترك القديمة، بعضاً من التعبيرات الكتابية التي كتبتها منذ مدة، ارجع لها، افتحها واقرأ ما كتبت… فرق كبير يظهر لك في شخصك بين ذاك الوقت والآن، ربما حتى إنك ستستغرب كيف كنت آنذاك وكيف تغيرت؟ هذا هو دور التدوين، يجعلك تراجع منحى تطور وتغير الأفكار، يذكرك بماضيك وتاريخك وهذا السبيل الوحيد لتطوير ذاتك وتحديد مسارها واتجاهها في الحياة.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.