شعار قسم مدونات

انقلاب يهز كيان الرجل.. المرأة العربية في أوروبا

Blogs - لاجئين
في ظل طغيان الحرب التي شردت الشعب السوري وقلبت حياته رأسا على عقب، اضطر مئات الآلاف من السوريين إلى ترك وطنهم هربا من ويلات الحرب القذرة التي خلفت منذ بدايتها ما يقارب نصف الميلون قتيل، وأجبرت ما يزيد عن 7.6 مليون شخص على النزوح داخليا. وأدت إلى ما يربو عن 4.6 مليون شخص في عداد اللاجئين خارج البلاد.

إذن هي الحرب التي لا تميز بين طفل وامرأة ولا حجر ولا بشر. كابوس أسود عصف بالشعب السوري وأجبره على ترك الأرض التي تربى ونشأ عليها ليجد السوريون أنفسهم لاجئين في دول الجوار التي استقبلتهم. وتحملت تلك الدول المجاورة لسوريا عبئاً ثقيلاً لم يكن في الحسبان أدى إلى ارتفاع نسب البطالة التي تعاني منها أصلا قبل أزمة اللجوء، ففي لبنان وصلت نسبة البطالة إلى 36%، ونسبة مرتفعة منهم من طلاب الجامعات حسبما صرح وزير العمل اللبناني سجعان قزي في وقت سابق.

وفي الأردن وقفت شروط تصاريح العمل عائقاً في وجه السوريين. وتحديد المهن التي يمكن أن يعملوا بها هذا إذا توفرت فرصة العمل المعدومة من أساسها. وفي تركيا كانت اللغة عائقا في وجه السوريين وعدم تناسب الدخل مع المعيشة لمن حصلوا على عمل. هذه الظروف وغيرها أدت بالسوريين إلى حالة من اليأس والفقر وازدياد أوضعهم سوءاً مع انعدام الأمل في العودة إلى الوطن في الأمد القريب. فكان لسان حالهم يقول الموت والخطف والاعتقال من خلفنا وسوء الأوضاع والفقر ونقص المساعدات، فلم يجدوا إلا البحر من أمامهم طلبا للحياة. متجهين نحو أوروبا التي طالما سمعوا عنها وعن ديمقراطيتها وحقوق الإنسان فيها. أملا بالحياة بعد سنين عجاف ذاقوا فيها مرارة الحياة فكانت الوجهة أوروبا.
واقع حياة السوريين في أوروبا.

طلبت زوجتي الاستقلال المادي عني، وبعدها طردتني من البيت، وأنا الآن أسكن مع أصدقائي… حتى هذه اللحظة لا أستطيع استيعاب ما حصل وكيف حصل.

بدأت المشاكل الاجتماعية تطفو إلى السطح بعد حالة الغليان التي مروا بها، حالهم حال أي مجتمع، ولكن مع اختلاف البيئة والثقافة والقوانين واللغة. ظهرت مشاكل أقرب ما تكون إلى ظواهر، ومن بينها ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي العربية والأوروبية عن تمرد المرأة على زوجها حسب وصف بعض الوسائل العربية ونيل حريتها المغتصبة حسب الوجهات المقابلة. وتنتشر قصص الطلاق والتخاصم في أوساط اللاجئين.

فهل تمردت النساء على أزواجهن أم أنهن يطالبن بحقوقهن التي حرمن منها في بلادهن؟ هل يدرك الزوجان ماذا سوف يؤول بأطفالهم في حال تفكك الأسرة؟ ولماذا تفشت حالة التمرد على الرجل في أوروبا دون أن تكون في الوطن أو دول اللجوء المجاورة؟ هذا ما سوف أحاول بحثه في تدوينات متتالية لتسليط الضوء على الحقيقة.

رحلتي إلى أوروبا.. معاناة لاجئ
دفع كل ما يملك من غالي ونفيس، بعد أن باع أرضه تاركاً كل شيء خلف ظهره هربا من الموت والدموع تملأ عينيه وهو يقول لزوجته قد نلتقي مرة أخرى وقد لا، ولكن أرجو من الله اللقاء، وأطفاله خلف والدتهم ينظر إليهم نظرة المسافر الحزين الذي قد لا يعود وتطلب منه الزوجة عدم الرحيل، كيف لا أرحل والجوع يقترب منا وأنا بلا عمل ولا دخل، لا خيار أمامي إلا الهجرة لأجلكم ومن أجل مستقبل أطفالنا مخاطبا زوجته.

كم كنت أشعر بالخجل وأنا مختبئ في بيتي والجوع يداهمنا، كنت أنظر إليكم وأتمنى الموت ألف مرة ومرة. الدموع تملأ عيون الزوجة على زوجها الذي يبكي من شدة الحرقة، وتقول له كان الله في عونك ومعك، وأطفاله الصغار يبكون ويصرخون "بابا بابا لا تروح وتتركنا".

ذهب الرجل تاركا كل شيء خلفه الأرض التي تربى عليها وساحات العيد التي نشأ فيها وخيم المأتم المنصوبة وهو ينظر إلى حيه المهدم وما تبقى منه وما من تبقى من أشخاص أحياء، مودعا قبور الأموات. قال: "كنت في هذه الدقائق القليلة أمشي نحو المجهول مودعا كل شيء، عادت بي الذكريات لحياة لطفولة، فتذكرت كل شبر في هذه الأرض التي ولدت أنا وعائلتي فيها، اختلطت الأفكار في داخلي بين الحزن والحيرة والحرقة، وبعدها هدأت نفسي وتابعت مسيرتي نحو المجهول، تاركا عائلتي".

يتابع قائلا: "استغرقت رحلتي ثلاث أشهر حتى وصلت إلى ألمانيا ومن ثم أقمت في نزل اللاجئين مدة 47 يوما، بعدها حصلت على شقة وبعدها حصلت على الإقامة وطلبت عائلتي ضمن قانون لم الشمل. وفعلا بعد أشهر وصلت زوجتي مع أطفالي، فحمدت الله على ذلك، وكان كل شيء على يرام. ولكن شيئا فشيئاً بدأت معاملة زوجتي معي تتبدل وبدأ الأمر برفع صوتها في وجهي، ولم يتوقف الأمر هنا، بل بدأت تخرج من البيت بدون علمي، ومن ثم طلبت الاستقلال المادي عني، ومن بعدها طردتني من البيت، وأنا الآن أسكن مع أصدقائي وقد اسودت الحياة في وجهي حتى هذه اللحظة لا أستطيع استيعاب ما حصل وكيف حصل.

الزوجة ترى أنها كانت محرومة من حقوقها في حياتها الخاصة، وأنها الآن بعد جلب زوجها لها إلى أوروبا تستطيع تحقيق أحلامها وخاصة أنها استقلت ماديا.

بهذه الكلمات روى لنا محمد ما حصل معه ولكن تبقى القصة ناقصة ما لم نلم بها من الطرف الآخر وهذا ما سوف نحاوله معرفته من خلال رأي الزوجة.

الزوجة من حقي الحياة
بدأت الزوجة حديثها عن حقها في الحياة التي كانت محرومة منها سابقا في بلدها بسبب العادات والتقاليد الشائعة لدى المشرق العربي. وعند سؤالي لها ما هي حقوقك التي كنت تفتقدينها سابقا في بلدك سابقا قالت بصوت مملوء بالثقة "من حقي الحياة مثلي مثل أي امرأه هنا في أوروبا، فالمرأة هنا مثلها مثل الرجل تعمل وتخرج متى ما شاءت وإلى أينما شاءت وتكون مجتمعها الخاص وصداقاتها الخاصة، فضلا عن ذلك يضمن لي القانون هنا جميع حقوقي مع الاستقلال المادي. فأنا لم أعد محتاجة لرجل أنتظر منه أن يدفع لي ولأطفالي تكاليف الحياة. فالدولة تدفع عني كل شيء. وأنا بدوري سوف أتعلم اللغة وسوف أعمل وسوف أبني حياتي الخاصة التي لم أستطع أن أحقق منها شيئا من قبل. هي حياتي وأنا حرة بها وأنا أفعل ما أشاء ولكني في النهاية سوف أثبت للجميع أنني امرأه ناجحة".

وفي ردها على سؤالي عن حال الأطفال وماذا سوف يؤول بهم في حال تم البت في قضيتها بالطلاق قالت: "هم سوف يكبرون، وسوف تكون لهم حياتهم الخاصة التي سوف يعيشونها دون أن يفسدها عليهم أحد، ولكن حياتي إذا ضاعت من ذا الذي سوف يعوضني عنها وعن عمري الذي تبدد ويتبدد وأنا أضحي بكل شيء من أجل زوجي وأولادي".

وأضافت الزوجة: "علمتني الحياة والحرب أن المرأة يجب أن تكون قوية وقادرة على حماية نفسها من غدر الزمان، وفي النهاية كل إنسان يجني ثمار ما زرع، وأنا وحدي من سوف يدفع ثمن خطئي إن كنت مخطئة، وأنا متأكدة أني لست كذلك". هذا ما ختمت به الزوجة كلامها.

إذن الزوجة ترى أنها كانت محرومة من حقوقها في حياتها الخاصة، وأنها الآن بعد جلب زوجها لها إلى أوروبا تستطيع تحقيق أحلامها وخاصة أنها استقلت ماديا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.